أثار إيمان المغاربة، ورغبتهم في خلق لحظات من السعادة والفرح، واحتفالهم برأس السنة الأمازيغية، حفيظة بعض “المتكلمين”، الذين أدى بهم جنوحهم الفكري والثقافي إلى الخروج عن القاعدة، وإصدار فتوى تحرم هذا الاحتفال. وهي الفتوى التي تتأرجح بين مجالين، من المفروض وضع مسافة بينهما، لكن هؤلاء الدعاة، وعن قصد، أقحموا المجالين الواحد في الآخر، ليقولوا للناس، إن إحياء هذه المناسبة يتنافى مع القيم الإسلامية. كتبوا ذلك على “الفايسبوك” دون أدنى اعتبار لقيم المجتمع المغربي، وبتجاهل، تام وواضح، لما يميز هذا المجتمع من تنوع وغنى ثقافي ولغوي، ولما راكمه تاريخيا ودستوريا.
الكثير من الفاعلين الأمازيغ لم يتركوا الحدث يمر هكذا، بل ردوا على هذه الفتوى، واعتبروها نشازا، وانتقدوا بتدويناتهم وتصريحاتهم أي رأي ممانع للاحتفال ب”أسكاس أماينو”. ويتضح من خلال ما راج في الأيام الأخيرة على وسائط التواصل الاجتماعي من إبداعات فنية وموسيقية، تغنت بهذه الذكرى، وأيضا من كتابات ومقالات فكرية وإعلامية، تناولت الحدث وقاربته من زوايا عديدة، تاريخية وسوسيولوجية وانثروبولوجية، ناهيك عن تبادل التهاني بحلول هذا العيد الذي مازالت الذاكرة المغربية تحتفظ له بأكثر من اسم “حاكوزا”، “إيض يناير”، “أسكاس أماينو”، وغيرها، كل ذلك يؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن مطلب ترسيم هذا التقويم، واقراره عيدا وطنيا ويوم عطلة، كما هو جاري مع التقويمين الهجري والميلادي، وجب التفاعل معه بنوع من الجدية، ولا مجال في ذلك للتجاهل أو التراخي، وأن إعادة النظر والتفكير في الاستجابة لهذا المطلب يفرض نفسه أكثر من أي وقت مضى.
مصداقية المطلب لم تقف عند حدود الترويج له على منصات وسائط التواصل الاجتماعي، بل ولجت بيوت الله، ودخلت المساجد وناقش ذلك الخطباء من فوق المنابر في يوم جمعة تاريخي تزامن مع 15 يناير 2021 .
فقيه ورئيس مجلس علمي، لحسن بن إبراهيم اسكنفل، كان واضحا جدا في رده على محرمي الاحتفال برأس السنة الامازيغي، وقال لهم إنكم تحرمون بعض التقاليد والأعراف الحميدة، التي تقوي أواصر العلاقات الاجتماعية، وأنكم بذلك تحرمون بعض المناسبات المرتبطة بالبلد وبالأرض وبالسكان الأصليين.
اسكنفل عارف بعلوم القرآن والحديث، ذكر أصحاب ذهنية التحريم، أنه قبل دخول الإسلام، كانت هناك أعراف، وما دامت لم تخالف الدين، ولم تخالف حكما شرعيا ولا مبدأ أخلاقيا، فهي على الإباحة. وزادهم أن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية مناسبة مرتبطة بالأرض، ويجتمع فيها الناس، ويأكلون أكلات خاصة من الطيب الحلال، الذي تنتجه الأرض، وهي مناسبة تزكي صلة الرحم، ويفرح الناس بذلك، ويسألون الله أن يبارك لهم في كل هذه الخيرات.
العالم المغربي اسكنفل، استغرب من أن يأتي البعض ويقول، إن رأس السنة الأمازيغية لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يجيبهم ببساطة مقنعة “إننا في واقع معيش آخر مخالف لواقع الرسول (ص)”.
*يازبريس