الشهادة التي قدمها أحمد حو المعتقل السياسي السابق، ابن المحمدية الذي قضى أزيد من 16 سنة بالسجن المركزي، محكوما بالإعدام، في لقاء عن بعد، نظمته منظمة حريات الإعلام والتعبير/حاتم يوم السبت 23 يناير 2021 في موضوع: “الإعلام والتواصل والحق في الحياة” كانت بتلك القوة التي شدت إليها كل المتدخلين في هذا اللقاء واعتبروها منطلقا ومرجعا أساسيا لمداخلاتهم لأن الشاهد “مجرب ماشي طبيب”.
حو في هذه الشهادة أعلن أن كتاب عن تجربة الاعتقال التي مر بها في حي الإعدام بالسجن المركزي سيرى النور قريبا، وسيكون هذا الكتاب في الأكشاك في غضون الأيام القليلة المقبلة. وتحدث عن الصورة التي صممها لمؤلفه هذا، كما وقف في كلمته عند الدلالات والمعاني، التي يحملها عنوان الكتاب: “عائد من المشرحة”، موضحا أن الموت صديق وعدو المحكومين بالإعدام، الذين ينتظرون حتفهم في كل وقت وحين، وأن الحكم بالإعدام في حد ذاته قتل ونوع من أنواع التعذيب النفسي والجسدي، ولا يجب الاعتقاد على أن المحكومين بالإعدام يأكلون ويشربون، وأنهم مرتاحون وكفيمن ، بل كل حركة الحركات وسكون من السكنات في حي الإعدام إلا ويحمل نسبة معينة من الموت.
على ظهر الكتاب المنتظر، كتب حو: “في زوال يوم شديد الحر لمحتهم وهمك يحملون الكومسير الحاج ثابت إلى حتفه. كان من عادته كلما نودي عليه للزيارة، يمشي بخيلاء وعنجهية، قاسي النظرة فوق الشكيمة، لكن في يوم إعدامه، كان لا يكاد يمشي على رجليه ويكاد يسقط رغم قوة بنيته، ولم يصدق كل ما قيل له عن أمر، لا يعدو أن يكون مجرد تنقيل روتيني. أحسست كأني أنا المساق إلى الموت، لا أكاد أشم رائحة الموت من حولي، لم يعد بعد ذلك اليوم أمان، فقد أعدم يوم عطلة أسبوعية، وهو يوم الأحد وفي واضحة النهار. وهو ما يعني أن الموت لم يعد زائرا منتظرا في الليل فقط، بل أيضا في عز النهار ولم يعد الإعدام مختصا فقط بقاطني حي الإعدام، ولا يهم حي سجني تقطنه. وحتى في أوقات الراحة والعطل كانت الحركة تتوقف في أيام السبت والأحاد وفي العطل، ومع سكون الحركة تهدأ النفوس. لكن بعد إعدام الحاج ثابت كل المعايير انقلبت حتى مزاعم أن المغرب الذي لم يعد يعدم بعد سنة 1981 تبخرت. فعاد الموت يرفرف علينا بجوارحه بقوة أكثر مما مضى. ليال وشهور قاسية مرت علينا بعد إعدام الكومسير المذكور، لم يعد للنوم أو الأكل طعم فكل الآمال تبخرت، وأصبح الموت قريبا منا بعد أن كان بعيدا عن حي الإعدام وعن المحكومين بالإعدام في أي سجن أو حي كانوا لأكثر من عقد من الزمن.”
* ياز بريس