يواجه العالم، وبشكل متزايد، أزمة مياه عذبة تهدد الكوكب وساكنيه، حيث يستهلك البشر اليوم من المياه العذبة ما يفوق قدرة الطبيعة على تعويضه، ويدمرون منظومة المناطق الرطبة التي تعتمد عليها المياه وترتبط بها جميع أشكال الحياة.
ويحتفل العالم، في الثاني من فبراير من كل سنة، باليوم العالمي للمناطق الرطبة، بهدف زيادة الوعي بالأهمية الكبرى التي تمثلها الأراضي الرطبة في حياة الإنسان ووظائفها الحيوية بالنسبة لكوكب الأرض، وكذا لتخليد ذكرى توقيع معاهدة (رامسار) بشأن الأراضي الرطبة سنة 1971.
ويقترن الاحتفاء بهذه المناسبة في سنة 2021 بتسليط الضوء على الأراضي الرطبة كمصدر للمياه العذبة وتشجيع الإجراءات الرامية لاستعادتها ووقف فقدانها، حيث تسهم الأخيرة في تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية من خلال تخزين وتنقية المياه، وتوفير الغذاء، وتوفير المأوى لـ 40 في المائة من أنواع الكائنات الموجودة على كوكب الأرض، والحماية من الفيضانات والعواصف، وتخزين الكربون الموجود في الغابات.
وبحسب مبادرة المناطق الرطبة المتوسطية، وهي مبادرة إقليمية بموجب معاهدة (رامسار)، أدى فقدان المناطق الرطبة وتلوثها إلى تفاقم أزمة المياه التي تهدد جميع أشكال الحياة، حيث اختفى ما يقرب من 90 في المائة من الأراضي الرطبة في العالم منذ سنة 1700، ويختفي ما تبقى منها بمعدل ثلاث مرات أسرع من الغابات. كما أن نوعا واحدا من كل ثلاثة أنواع من الكائنات الحية المتواجدة في المياه العذبة مهدد بالانقراض.
من ناحية أخرى، تؤكد المبادرة، تسبب النمو السكاني والتحضر وأنماط الاستهلاك في ضغوط لا تحتمل على الأراضي الرطبة ومياهها، حيث يتعرض 82 في المائة من سكان العالم لمستويات عالية من تلوث إمداداتهم من المياه، ويفتقر 2.2 مليار شخص إلى خدمات مياه الشرب الآمنة، بتكلفة اقتصادية سنوية قدرها 260 مليار دولار.
وأشارت إلى أن ندرة المياه كانت محركا رئيسيا للنزاعات في 45 دولة على الأقل في سنة 2017، وهناك حاجة إلى زيادة في المياه بنسبة 14 في المائة من أجل رفع الإنتاج الفلاحي العالمي بنسبة 70 في المائة بحلول سنة 2050 لتلبية احتياجات 10 مليارات شخص.
وكان المغرب من بين البلدان الأولى التي ساهمت في بروز الوعي العالمي بتأثير التغيرات المناخية والحاجة للحفاظ على النظم الإيكولوجية منذ قمة الأرض في ريو دي جانيرو سنة 1992، ثم توجت المملكة هذه المساعي بالمصادقة على المعاهدة الدولية للحفاظ والاستخدام المستدام للمناطق الرطبة (رامسار) منذ سنة 1980، حيث عملت منذ ذلك الحين على اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للحفاظ وتأهيل هذه النظم الإيكولوجية القيمة والهشة.
وفي هذا الصدد، أعلنت المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، مؤخرا، عن تسجيل 12 موقعا مغربيا رطبا جديدا ضمن لائحة المناطق الرطبة ذات الأهمية الإيكولوجية على الصعيد العالمي، وذلك على هامش تخليد اليوم العالمي للتنوع البيولوجي.
وتضم لائحة المناطق الرطبة الجديدة، التي أصبح بموجبها عدد المناطق الرطبة المسجلة بلائحة (رامسار ) 38 موقعا، كلا من بحيرات إيموزار كندر، وبحيرة سد سمير، وواد تيزكيت، وساحل جبل موسى، وواد الساقية الحمراء، وراس غير إيمسوان، وعالية واد لخضر، وواد احنصال ملول، وواد رغاية ايت ميزان، وشط بوكوياس، وواد مكون، وشط اتيسات بوجدور.
وتهدف المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر ، في أفق 2024، إلى تسجيل 30 موقعا جديدا على قائمة (رامسار)، وتنفيذ 60 مخططا لتدبير وتأهيل المناطق الرطبة ذات الأولوية الكبرى، وتحسيس وتوعية حوالي 500 ألف شخص سنويا في إطار برنامج التربية البيئية المتعلق بالمناطق الرطبة.
ويتضمن هذا البرنامج كذلك تطوير سلاسل إنتاجية جديدة لبعض الأنشطة المرتبطة بالمناطق الرطبة كمراقبة الطيور والصيد التقليدي وتربية الأحياء المائية والصيد السياحي.
وفي هذه اللحظة الاستثنائية التي انكفأ فيها البشر على أنفسهم خوفا من الإصابة بفيروس (كوفيد-19)، انتعشت البيئة وتخلصت من أدرانها بفضل انخفاض مستوى تلوث الهواء، المسبب لظاهرة الاحتباس الحراري، في العديد من المناطق، غير أن حماية هذه المنظومة الحيوية لن تتأتى إلا بالتوقف عن تدمير الأراضي الرطبة واستعادة المتدهورة منها، والتوقف عن بناء السدود على الأنهار وعن الإفراط في سحب المياه الجوفية، وكذا من خلال دمج الأراضي الرطبة في مخططات التنمية وإدارة الموارد.