– أحمد عصيد
– معظم المغاربة لا يميزون في الفصل 490 بين المنظور الأخلاقي الشخصي والحُكم الجنائي، فهم متمسكون بالتجريم والعقوبة الجنائية في موضوع لا يُعدّ جريمة، ولا يكترثون بالجرائم الحقيقية كالرشوة والإرهاب وتعنيف النساء واغتصاب الأطفال، إنهم يتمسكون بالتقاليد في وضع غارق في الفساد العام، بينما يتناقضون في سلوكهم مع مواقفهم المعلنة، حيث عندما تسنح لأي واحد منهم أول فرصة لممارسة علاقة جنسية رضائية لا يُضيعها، بل يستغلها دون تفكير في العواقب التي ينص عليها القانون. وعندما تقول له لماذا لا نغير القانون لحماية حريتك ؟ يفضل التستر على نزواته ، فينحاز للتقاليد والنزعة المحافظة، إنه لا يستطيع التخلي عن ممارسة العلاقات الجنسية الرضائية، لكنه في نفس الوقت لا يريد مواجهة نفسه بالحقيقة، وينطبق هذا عموما على التيار المحافظ الذي ما فتئ يُحرض ضدّ الحريات الفردية دون أن يتوقف أعضاؤه عن ممارسة حرياتهم، وعندما يقعون في فضيحة يلجئون إلى حيلة “الزواج العرفي” التي لم تعد تنطلي لا على السلطات ولا على المجتمع.
والنتيجة مجتمع مضطرب من الناحية القيمية، يراقب فيه الناس بعضهم بعضا عوض أن يعيشوا حياتهم بعفوية وبشكل مطابق لتطلعاتهم الحقيقية. وهذا من أسباب انعدام السعادة في دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، فالسعادة مرتبطة بنسبة كبيرة بنمط الحياة وبالحرية.
من جانب آخر لا ينتبه كثيرون إلى أن النصّ الذي يتحدثون عنه تمت صياغته سنة 1962، في مجتمع لم يعُد موجودا اليوم، فلا علاقة بين المغرب الراهن ومغرب بداية الاستقلال فيما يخص العلاقات الاجتماعية ومكانة المرأة ووضعية الفرد والفردانية. ولا يوجد قانون يمكن أن يصمُد لستين عاما أمام تطورات الواقع، إلا إذا كانت السلطة والمجتمع يعانيان من ركود وتأخر يجعلهما يعيدان إنتاج القيم القديمة وسط تحولات لا يمكن إيقافها.
من جهة أخرى يكشف هذا النقاش حول موضوع الحريات الفردية عن وجود الحكومة والسلطة في حالة شرود، ففيما يطرح المجتمع بإلحاح وبشكل مستمر هذا الموضوع، خاصة بعد دستور 2011، عمدت الحكومة إلى استثنائه من التعديلات المرتقبة في المشروع المُحال على البرلمان، وهذا في حدّ ذاته يعكس مقدار تخلف السياسات عن تحولات المجتمع المغربي.
إن العلاقات الجنسية الرضائية تتم بين بالغين عاقلين، وتخلو من العنف والاعتداء، ويحميها الدستور المغربي بحمايته للحياة الخاصة للمواطنين من الانتهاك، إذ لا توجد علاقات جنسية تتم في الشارع العام.
أما فيما يخص نشر العلاقات الحميمية على شبكات التواصل الاجتماعي فهي جريمة ينبغي أن يعاقب عليها من قام بتسريب الصور خارج أسوار الحياة الخاصة وليس الضحية، كما حدث مؤخرا في حالة فتاة تطاون. وإن الإسراع بمعاقبة المرأة على أنها مسؤولة دائما عن أخطاء الآخرين هو أمر ينبغي أن ينتهي.