أكد عدد من المتدخلين خلال لقاء جهوي حول “فعلية الحق في الصحة.. نحو نظام قائم على المقاربة المبنية على حقوق الإنسان”، يوم السبت الماضي بالعيون، أن التأثيرات السلبية للجائحة مست أساسا الحق في الصحة الواجب للفئات الأكثر هشاشة في المجتمع، مما يقع على الدول اتخاذ التدابير والإجراءات لمنع هذه التأثيرات أو التخفيف من حدتها على الأقل، في تماه مع فلسفة حقوق الإنسان.
وشدد المتدخلون خلال اللقاء الذي نظمته اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان العيون-الساقية الحمراء، لمنع هذه التأثيرات أو التخفيف من حدتها على الأقل، على بلورة حلول عملية ومبسطة وسريعة لضمان ولوج أمثل لهذه الفئات التي تعاني فقرا متعدد الأبعاد يرخي بثقله على حقوقها الصحية، مؤكدين محورية حسن الاستهداف ومركزية التدخل على النحو الذي يتناغم مع التزامات الدول الموقعة على الأوفاق والمواثيق الناظمة للحق في الصحة، ومنها المغرب.
وبعدما تساءلوا إن كانت تدابير التصدي للوباء استندت إلى أفضل الأدلة العلمية المتاحة لحماية الصحة العامة، استشهدوا بإصدار اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بيانا للتفاعل مع جائحة كورونا من منطلق أدوارها، شددت فيه على تعبئة موارد الرعاية الصحية لتدبير فعال يهم أساسا الوقاية والعلاج، مع إعمال أقصى درجات الإنصاف حتى تستهدف الفئات الأكثر هشاشة.
ودعوا إلى جنى ثمار التكنولوجيا بما ييسر ولوجية الحق في الصحة ويجعله في متناول الجميع، مؤكدين أن الظرفية أكدت بما لا يدع مجالا للشك، أن حقوق الإنسان، بمختلف أجيالها، أولوية في الاستجابة لأزمة فيروس كورونا.
وقال رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان العيون – الساقية الحمراء، توفيق البرديجي، إن الحق في الصحة مكفول بمنطوق الدستور والمواثيق الدولية التي تنصص على محوريته في منظومة حقوق الإنسان برمتها.
وأكد في كلمة بالمناسبة، أن عمل اللجنة والمجلس يروم الإسهام في تجويد السياسات العمومية المتصلة بالشأن الصحي من خلال تقديم المشورة وبلورة السبل القمينة بتغيير طرائق التفكير. أما رشيد أهل السباعي ممثل قسم العرض الصحي بالمديرية الجهوية للصحة العيون-الساقية الحمراء، فقال إن لجائحة كورونا، كموضوع للنقاش، أدوارا في التطوير المستمر للمنظومة الصحية في اتساقها مع حقوق الإنسان، مؤكدا على أهمية شمل مختلف الحقوق الصحية بما يليق بها من أهمية، من قبيل الصحة النفسية والعقلية.
وبعدما استعرض مختلف النظم القانونية الخاصة بالصحة وطنيا، أشار إلى أنه يتعين على الخدمات الطبية أن تتوفر قبلا على شروط التوفر والمقبولية والولوجية لتثمر المرجو منها، داعيا إلى تنقيح مستدام للخريطة الصحية وتدارك الخصاص المسجل في الموارد البشرية، لاسيما الأطباء العامين، مع إعمال جهوية التوظيف. بدوره استحضر ممثل المجلس الجهوي مختلف المبادرات والشراكات الي تبنتها الهيئة قصد الإسهام في تجويد الخدمات الصحية، مؤكدا أن هذه الأخيرة مرتبطة بإمكانات الدول وبقدرة التعبئة الجماعية لمواجهة الطوارئ الصحية، جائحة كورونا نموذجا.
وخلص المتدخلون إلى أن الوقع الخطير لجائحة كوفيد-19 على كل مناحي الحياة الإنسانية، من خلال إزهاق أرواح الآلاف من الأشخاص، وفي مقدمتهم الأطباء والممرضات والممرضون، يستدعي الوقوف وقفة عرفان وامتنان لهؤلاء الساهرين على الحق في الحياة، الحق الأول والمحوري لممارسة الحقوق اللاحقة، ومن صميمها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وأكدوا أن سؤال التدبير يطرح بملحاحية، ما دام الأمر يتعلق بسياسة عمومية مساءلة، أولا من قبل الجهاز التشريعي كشأن واختصاص صريح، ثم الرأي العام والمجتمع المدني عموما، مسجلين الحاجة إلى العمل مع الشركاء، من قبيل هيئة الأطباء والنقابات، والمجتمع المدني لأدوارهم في تعضيد تدخلات القطاع الوصي على الصحة، من خلال بث النشرات التحسيسية والتوعوية وإشاعة الممارسات الفضلى.
وسجلوا الحاجة إلى إيلاء العناية الفائقة للطب العام ولطب العائلة في المنظومة الصحية بالمغرب، لما له من تطويق قبلي لعلات وأمراض مفترضة، مع تدارك الخصاص المزمن في الموارد البشرية وتحسين ظروف الاشتغال، إضافة إلى تحيين الخريطة الصحية بما يضمن العدالة الترابية والاجتماعية وبما يعقلن العرض الصحي ويجوده.