دعت مشاركات في يوم دراسي نظم ، يوم الخميس 25 مارس الجاري بالرباط ، إلى تعديل المادة 49 من مدونة الأسرة لتمكين النساء من حقوقهن الاقتصادية أثناء فترة الزواج وبعده.
وأكدت المتدخلات خلال الندوة التي نظمتها مجموعة العمل الموضوعاتية المكلفة بالمناصفة والمساواة بمجلس النواب حول المادة 49 من مدونة الأسرة تحت شعار “واقع التنزيل ومطالب التعديل”، أن واقع الممارسة وتطبيق هذه المادة كشف عن مجموعة من النقائص حيث أن الاحصائيات لسنة 2015 كشفت أن 0,5 في المائة فقط من العقود المستقلة لتدبير الأموال المكتسبة تم إبرامها منذ دخول القانون حيز التطبيق.
وفي هذا الصدد، أعتبرت رئيسة مجموعة العمل الموضوعاتية المكلفة بالمناصفة والمساواة فاطمة الزهراء نزيه أن مدونة الأسرة شكلت، منذ إقرارها سنة 2004 ، طفرة مجتمعية تأسيسية للعلاقات داخل الأسرة المغربية بشكل يتماشى مع الدين الإسلامي السمح، باعتباره من الثوابت الجامعة التي تستند إليها الأمة المغربية في حياتها العامة.
وتابعت السيدة نزيه أنه في هذا الإطار، جاءت المادة 49 التي رسخت قاعدتين جوهریتین، تتجلى أولاهما في استقلال الذمة المالية لكل واحد من الزوجين، بينما تتمثل الثانية في مراعاة عمل كل واحد من الزوجين وما قدمه من مجهودات، وما تحمله من أعباء لتنمية أموال الأسرة، لاسيما من خلال الأعمال والأشغال المنزلية التي تقوم بها المرأة وما تقدمه من مجهودات في هذا الشأن خلال قيام العلاقة الزوجية.
واكدت أن الاجتهاد القضائي ظل محتشما في تقدير مساهمة المرأة في تنمية أموال الأسرة، ونفس الأمر ينطبق على الاجتهادات الفقهية التي لم تعالج بالشكل الكافي الإشكالات المترتبة عن تطبيق المادة 49 من مدونة الأسرة علاوة على ما تقدم، مشيرة إلى صعوبة إثبات مساهمة المرأة في غياب وجود توثيق لها، مما يزيد من معاناة المطلقات والأرامل بصفة خاصة، بالإضافة إلى عدم معرفة غالبية النساء والرجال لمقتضيات هذه المادة بشكل دقيق.
من جانبها، تطرقت وفاء اللودة رئيسة مصلحة قضايا الأسرة بوزارة العدل لوثائق تدبير الأموال المكتسبة خلال قيام الزوجية، حيث يلاحظ من خلال الأرقام أن تطور عدد وثائق تدبير الأموال المكتسبة أثناء قيام الزوجية على مدى السنوات العشر الأخيرة من عمر المدونة، لم يتجاوز 641 وثيقة كحد أقصى سجل خلال سنة 2012 أي 5,25 في المائة، مضيفة أن هذا الرقم سيشهد قفزة نوعية خلال سنة 2013 بتسجيله ارتفاعا على درجة كبيرة من الأهمية بعدد وصل إلى 1520 وثيقة بنسبة 137.13 في المائة.
وأفادت بأن ما يمكن استنتاجه من خلال هذه الإحصائيات أن عدد وثائق تدبير الأموال المكتسبة أثناء قيام الزوجية التي تم إنجازها خلال العشر سنوات يبقى متواضعا جدا بالمقارنة مع عدد تلك المبرمة خلال الفترة من 2012 إلى 2019، مؤكدة أن هذه المقارنة كشفت ، بصورة واضحة ، عدم وجود إقبال من طرف الأزواج والنساء بصفة خاصة على تفعيل مقتضيات المادة 49 من المدونة حول كيفية تدبير الأموال التي سيتم اكتسـابها خلال قيام العلاقة الزوجية.
واعتبرت اللودة أن ذلك يرجع ، من جهة ، إلى أن هذا النوع من الاتفاق ما يزال غير مألوف من طرف النساء، سواء عند إبرام الزواج أو بعده، ومن جهة أخرى إلى عوامل ذات أبعاد اجتماعية، ونفسية، إضافة إلى الثقافة والمعتقدات السائدة وسط المجتمع التي تدفع الأطراف المتعاقدة إلى عدم طرح مسألة الاتفاق أو الحديث عن تدبير الأموال أثناء إبرام عقد الزواج، إذ يمكن أن ينظر إلى هذه المسألة على أنها تمس الثقة المفترضة بين الزوجين، وتثير الحرج بينهما بحسب ما هو مألوف عند الناس.
بدورها، قالت رئيسة الجمعية المغربية لحماية الأسرة زهور الحر إنه حان الوقت لمراجعة مدونة الأسرة لأن بعض المقتضيات أفرزت مجموعة من الاختلالات التي يجب تغييرها، داعية إلى العمل على توسيع الاجتهاد القضائي ليشمل ، في تفسيره للمادة 49 ، العمل المنزلي بدل اختصاره في المجهود المالي المباشر في تفسير ضيق للمادة واعتبار العمل المنزلي كمكون مساند لتكوين الثروة الزوجية.
كما أكدت على ضرورة التوعية والتحسيس بأهمية التوثيق والاتفاق على تدبير الأموال بين الزوجين والذي يمكن أن يكون في وقت لاحق على لحظة توثيق العقد أمام الزوجين، وذلك رفعا للحرج النفسي الذي يصاحب هذا الاجراء، وأن يتضمن ملف الزواج مطبوعا حول هذه المسألة، وذلك لتسهيل طريقة تنظيم العلاقة المالية وإعدادها مع وثائق الزواج بدون احراج.
وشددت الحر ، أيضا ، على ضرورة مراجعة نظام الإتباث في مجال المساهمة المالية للمرأة بما يضمن إمكانية الوصول الى مختلف أشكال مساهمتها في تنمية أموال أخرى، واعتماد كل إجراءات التحقيق بما في ذلك إجراء البحث والخبرة واستثمار مبادئ الفقه المالكي واجتهاداته في ما يتعلق بحقوق المرأة المالية.
ويهدف هذا اليوم الدراسي الذي عرف مشاركة ممثلي المؤسسات الدستورية والحكومية والهيئات الجمعوية والحقوقية المهتمة، الإنصات إلى مختلف المطالب المدنية المتعلقة بتعديل المادة 49 في أفق النظر في انخراط المؤسسة التشريعية في مراجعة تحقق الإنصاف والعدل بين طرفي العلاقة الزوجية.