حذر الأمين العام للأمم المتحدة في بداية اجتماع لمجلس الأمن الدولي اليوم الأحد من أزمة إقليمية “لا يمكن احتواؤها” في إطار النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين بينما أدت ضربات إسرائيلية مكثفة على غزة الأحد إلى مقتل 42 شخصا بينهم أطفال، مستهدفة مواقع عدة بينها منزل رئيس المكتب السياسي لحماس في القطاع.
وقال غوتيريش “يجب أن يتوقف القتال. يجب أن يتوقف فورا”، واصفا العنف بأنه “مروع”. وأضاف أن التصعيد “يمكن أن يؤدي الى أزمة أمنية وإنسانية لا يمكن احتواؤها والى تعزيز التطرف، ليس في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل فحسب، بل في المنطقة برمتها”.
من جهتها، أعربت بكين اليوم الأحد عن أسفها لعرقلة الولايات المتحدة إصدار بيان لمجلس الأمن الدولي حول النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين، مطالبة ببذل مزيد من الجهود الدولية لوقف دوامة العنف.
وخلال اجتماع المجلس، اتهم وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي اسرائيل بارتكاب “جرائم حرب” في حين اتهم السفير الاسرائيلي في الامم المتحدة جلعاد اردان حركة حماس ب”تعمد” اشعال النزاع.
وقتل نحو 200 شخص على الأقل، منذ اندلاع جولة العنف الجديدة الإثنين بين الدولة العبرية والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة. وأوضحت وزارة الصحة التابعة لحماس في قطاع غزة أن 192 فلسطينيا قتلوا جراء الضربات الإسرائيلية بينهم 55 طفلا و33 امرأة، بينما أصيب 1230 آخرون بجروح متفاوتة، مشيرة إلى أن هذه الأرقام مرشحة للارتفاع.
وعلى الجانب الإسرائيلي قتل عشرة أشخاص بينهم طفل وجندي، وبلغ عدد الجرحى 294 إصابة، إضافة إلى مئات حالات الهلع على ما أكدت خدمات الإسعاف.
وفي كلمة الأحد بعد لقاء جمعه برئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع بيني غانتس ورئيس جهاز المخابرات (الموساد) في تل أبيب، أكد رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي أن حركة حماس “أساءت تقدير قوة الرد الإسرائيلي” على القصف الصاروخي الذي طاول الدولة العبرية وبدأته الإثنين.
وأضاف “تتعرض غزة لقصف جوي شديد وغير مسبوق. نقوم بالذي يجب علينا عمله لحماية مواطني إسرائيل” على الرغم من إعلان الجيش الإسرائيلي أن الدولة العبرية تواجه إطلاق صواريخ على أراضيها بوتيرة هي الأعلى ولم تشهدها من قبل.
وقال الجيش إن الفصائل المسلحة في قطاع غزة أطلقت نحو ثلاثة آلاف صاروخ على إسرائيل منذ الإثنين.
وقبل ساعات من اجتماع مجلس الأمن دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أعضاءه إلى “ممارسة أقصى قدر من النفوذ لوقف الأعمال العدائية بين غزة وإسرائيل”، معتبرة أنه نزاع “غير مسبوق في شدته”.
وفي قطاع غزة المحاصر حيث يعيش مليونا نسمة في ظروف صعبة، قتل منذ الساعات الأولى من صباح الأحد 42 فلسطينيا على الاقل في الضربات الإسرائيلية على القطاع في أعلى حصيلة يومية منذ اندلاع المواجهات بين الجانبين.
وقالت إسرائيل الأحد إن “موجة الضربات المستمرة استهدفت أكثر من تسعين موقعا في إنحاء غزة” خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، في وقت أثار تدمير مبنى يضم مؤسسات إعلامية في القصف الإسرائيلي موجة غضب دولية.
وأعلنت إسرائيل أن الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة أطلقت حتى السابعة من صباح الأحد نحو 2900 صاروخ نحو إسرائيل، سقط 450 منها داخل القطاع في حين اعترض نظام القبة الحديدية الإسرائيلي نحو 1150 صاروخا.
وأكد الجيش الإسرائيلي استهداف البنية التحتية لحركتي حماس والجهاد الإسلامي من بينها نظام أنفاق واسع في 30 موقعا بنحو 100 غارة، واستهداف مصانع للأسلحة ومخازن ذخيرة.
وأفاد الجيش أنه تم قصف منزلي رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الإسلامية في قطاع غزة يحيى السنوار وشقيقه محمد رئيس الخدمات اللوجستية والقوى العاملة في الحركة باعتبارهما من ضمن “البنية التحتية العسكرية لمنظمة حماس الإرهابية”.
ونشر الجيش عبر تويتر مقطع فيديو يظهر مبنى محطما تعلوه سحابة من الغبار، بدون توضيح ما إذا تم قتل السنوار أم لا.
في حي الرمال، وصف أبو أنس أشكناني لوكالة فرانس برس ما يحدث في القطاع بأنه “حرب شنيعة”.
وقال أشكناني إن “أولاد أخي أربعة ووالدتهم شهداء، أصغرهم ثلاث سنوات وأكبرهم 11 عاما”. واضاف “أخرجنا الأم من تحت الأنقاض وهي تحمل أطفالها”.
وبحسب أشكناني “كنا جالسين في المنزل وفجأة قامت الدنيا (…) 40 ضربة خلال ثلاث دقائق”.
في الضفة الغربية المحتلة، أعلنت الشرطة الإسرائيلية أن أربعة من عناصرها جرحوا الأحد في هجوم بواسطة سيارة في القدس الشرقية. واضافت أنه “تم إطلاق النار على المخرب من قبل الضباط الذين ردوا على ما حصل”.
ووقع الهجوم عند مدخل حي الشيخ جراح الذي يواجه عدد من سكانه الفلسطينيين تهديدا بالإخلاء لصالح جمعيات استيطانية. لذلك، أعلنت الشرطة الاسرائيلية “إغلاق الحي”.
وتتكثف المفاوضات الدبلوماسية في الكواليس سعيا لوضع حد للعنف. ويعقد وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي اجتماعا الثلاثاء لإجراء محادثات طارئة عبر الفيديو حول التصعيد الحالي.
والتقى وفد أميركي رفيع المستوى برئاسة المبعوث الخاص هادي عمرو الأحد وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس. وعبر غانتس في منشور عبر حسابه على تويتر عن “تقديره العميق للدعم الأميركي لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها أمام الهجمات الإرهابية”.
وأضاف “على عكس أعدائنا، نحن حريصون على مهاجمة الأهداف العسكرية فقط”.
ويوم امس السبت، دمر سلاح الجو الإسرائيلي مبنى من 13 طابقا في غزة يضم فريقي قناة الجزيرة القطرية ووكالة الأنباء الأميركية أسوشييتد برس (أيه بي)، بعدما أصدر أوامر بإخلائه.
وبرر الجيش الإسرائيلي تدمير المبنى بأنه كان “يضم مصالح عسكرية تابعة للاستخبارات العسكرية لحماس”، مضيفا “توجد في المبنى مكاتب اعلامية مدنية تتستر حماس من ورائها وتستخدمها دروعا بشرية” في القطاع الذي تسيطر عليه.
والاحد، أكد نتانياهو الذي قال إنه يلقى “دعما مطلقا ” من الرئيس الأميركي جو بايدن، بعد مكالمة هاتفية بينهما، أن المبنى كان “هدفا مشروعا تماما “، مؤكدا أنه يستند في ذلك الى معلومات لأجهزة الاستخبارات.
وأبدى الرئيس الأميركي جو بايدن قلقه إزاء “سلامة الصحافيين”.
وأكدت الأمم المتحدة فرار نحو عشرة آلاف من سكان غزة من منازلهم بالقرب مع الحدود الإسرائيلية خوفا من أي عملية برية.
وقالت المنسقة الإنسانية في المنظمة الدولية لين هاستينغز “إنهم يحتمون في المدارس والمساجد وأماكن أخرى في ظل جائحة كورونا مع وصول محدود للماء والغذاء وخدمات النظافة والصحة”.
وتوسعت دائرة النزاع الذي يعتبر الأكثر دموية منذ العام 2014 لتشمل أعمال عنف قومية وهجمات بين اليهود والعرب داخل إسرائيل إلى جانب اشتباكات دامية في الضفة الغربية المحتلة وخلفت حتى الأحد 15 قتيلا.
كذلك تلقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس السبت اتصالا من بايدن هو الأول بينهما، دعا خلاله الرئيس الأميركي إلى “وقف الاعتداءات الإسرائيلية”.
ومن المتوقع أن يتوجه مسؤول الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية في وزارة الخارجية الأميركية إلى الضفة الغربية المحتلة لإجراء محادثات مع المسؤولين الفلسطينيين.