أنجز المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي دراسة تحت عنوان “تعزيز وتوسيع الطبقة الوسطى بالمغرب: رهانات وسبل إرساء طبقة وسطى مؤهلة ومزدهرة ومبادرة” تضمن تعريفا للطبقة الوسطى، بحيث لا ينبغي أن يكون تعريفا إحصائيا فحسب، وإنما ينبغي أن يرتكز على عناصر أخرى لتحديد الشرائح الاجتماعية التي تمتلك، بالنظر لمستوى ونمط عيشها، ودرجة تكوينها وطبيعة تطلعاتها، المقومات اللازمة للاضطلاع بدور محوري في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي وأن تكون محركا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالبلاد.
وحددت دراسة المجلس ثمانية سبل أو مداخل كبرى للتغيير غايتها توسيع الطبقة الوسطى بالمغرب، وتعزيز قدرتها على الصمود إزاء التقلبات والصدمات الخارجية المحتملة التي قد تؤدي إلى تراجع اجتماعي، وهي: اعتماد سياسات مالية وجبائية تعيد توزيع الدخل وتقلص الفوارق، القضاء على الفقر ودعم الفئات الهشة، تمكين الاقتصادي للنساء من أجل تقليص الفقر في صفوفهن بالوسطين الحضري والقروي، والرفع من فرص ولوجهن إلى سوق الشغل، تحسين جودة الخدمات الاجتماعية، تعزيز قدرات الرأسمال البشري، تنظيم وتطوير المهن والوظيفة العمومية، ضمان انبثاق طبقة وسطى قروية، تطوير بنية تحتية رقمية مندمجة.
وبلور المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي جملة من التوصيات ذات البعد الإجرائي غايتها من جهة تحديد نطاق وخصائص الطبقة الوسطى بشكل أفضل، من خلال اقتراح معالم لتعريف أكثر ملاءمة، ومن جهة أخرى حماية الطبقة الوسطى وتعزيزها وتوسيع حجمها لتتمكن من الاضطلاع على الوجه الأكمل بدورها في النهوض بتنمية المملكة، وإغناء وتحديث منظومة الإحصاء الوطني، من خلال تحسين تتبع الأجور في القطاع الخاص والدخول غير الأجرية، وتطوير مؤشرات حول القدرة الشرائية وظروف المعيشة وممتلكات مختلف الشرائح الاجتماعية في جميع جهات المغرب وفي مختلف مناطق الإقامة.
بالإضافة إلى تعزيز القدرة الشرائية للطبقة الوسطى، من خلال سن ضريبة للأسرة، ملائمة أكثر وتأخذ بعين الاعتبار نفقات التكفل العائلي، مع تعزيزها بتعويضات عائلية أكثر مواكبة للواقع الاجتماعي والاقتصادي للأسر، بما في ذلك نفقات تعليم الأبناء، ووضع المرأة في صلب الجهود المبذولة لمكافحة الفقر والقطع مع السياسات والبرامج التي غالبا ما تعتمد مفهوم الأسرة الذي يحيل بكيفية ممنهجة إلى الرجل باعتباره رب الأسرة.
إرساء منظومة العلاجات على أساس خريطة صحية شاملة وموثوقة (على المستوى الوطني والجهوي)، تدمج القطاعين العام والخاص. وفي هذا الصدد، يعد دور الدولة أساسيا في السهر على الانسجام العام لمكونات هذه المنظومة وضمان تتبعها تتبعا صارما، من أجل ضمان تناسق العرض الصحي على المستوى الترابي (الجودة والقرب).
وتعزيز التكوين المؤهل مدى الحياة وإرساء آلية الاعتراف بمكتسبات التجربة المهنية ووضع الجسور بين مختلف مكونات المنظومة الوطنية للتربية والتكوين. والنهوض بالأنشطة الاقتصادية غير الفلاحية في الوسط القروي وتنويعها، وذلك بهدف تعزيز انبثاق طبقة وسطى، والعمل على تطوير المراكز القروية الصاعدة لتصبح رافعة لتعزيز جاذبية وتهيئة المجالات الترابية، بما يجعلها قادرة على ضمان الشروط اللازمة لانبثاق طبقة وسطى قروية.
واعتبار التكنولوجيات الجديدة معرفة أساسية وإدراجها في مختلف المناهج المدرسية والجامعية وفي التكوين المهني، وتطوير مسالك رقمية عن طريق الجمع بين المسارات التقليدية والمعارف الرقمية في مختلف التخصصات: القانون والاقتصاد والعلوم الإنسانية والاجتماعية والهندسة والتسويق والمحاسبة …إلخ.