تنتشر في القرى القريبة من نفق زعبل وحتى البعيدة منه بجنوب شرق المغرب، مجموعة من الروايات مفادها أن الجيش الفرنسي استخدم لشق هذا النفق أسرى ألمان كانوا محتجزين لديه من الحرب العالمية الأولى، هذه الروايات أكدها باحث في تاريخ المنطقة يدعى عدي الراضي في مقال له بعنوان “غار زعبل-نبش في التاريخ والذاكرة-“، والذي وجبت الإشارة إلى أنه رغم أهميته يحمل الكثير من المغالطات سواء فيما يتعلق بأسماء الأماكن أو التواريخ، يقول الراضي”وقد استغرقت الأشغال مدة ثلاثة سنوات 1919_1921(الصحيح ستة أشهر بين 1927 و1928)؛ على يد الأسرى الألمان بعد الحرب العالمية الأولى حيث تم تسخيرهم في أعمال شاقة”.
إذا كان التأكد من صحة هذه الروايات غير متاح، لقلة-إن لم نقل- انعدام المادة المرجعية المكتوبة، فإن مؤشرات كثيرة تجعلنا لا نستبعد صحة مشاركة أسرى ألمانيا لدى فرنسا في حفر غار زعبل، ومن هذه المؤشرات؛ تلك النقيشة التي نقشت عند أحد مدخلي هذا النفق والتي كانت تحمل أسماء المشاركين في أعمال إنجازه قبل تدميرها بسبب أعمال التوسعة التي عرفها، إذ نجد أغلب هذه الأسماء ذات صبغة ومرفولوجية ألمانية من قبيل؛ SCHNEIDER، HERMANN، SCHUBERT، ROTENBURG، WAGNER، WIEMANN، SCHMELZER، RHONISCH…غير أن وجود هذه الأسماء ذات”النبرة الألمانية” لا يحسم هذا الجدل، جدل مشاركة الأسرى الألمان في ربط تافيلالت بشمال المغرب من عدمها، فقد لا يكون الأمر متعلقا بالضرورة بأسرى، بل بجنود عاديين ربما من أصول ألمانية الحاملين للجنسية الفرنسية أو من المواطنين الفرنسيين المنحدرين من الحدود الفرنسية الألمانية، خاصة أن المناطق الحدودية بين الدول المختلفة من حيث اللغة يتأثر بعضها ببعض سواء من حيث اللكنة أو الأسماء أو العادات والتقاليد.
للجواب عن هذا الإشكال، عدنا إلى مقالة منشورة بموسوعة ويكيبيديا تحمل عنوان” Légion étrangère ورد فيها أنه منذ تأسيس هذا الفيلق الفرنسي سنة 1831 إلى حدود 1963 شكل الألمان أغلبيته متبوعين بالإيطاليين ثم البلجيكيين، أما عن هوية عناصره فقد جاء في فقرة أخرى من نفس المقالة أنهم كانوا من غير المرغوب فيهم في المجتمع الفرنسي من القتلة والمجرمين والهاربين والمتسولين، وعلى وجه الخصوص المهاجرين الذين كانت لهم بدائل قليلة لكسب عيشهم في فرنسا.
كل الذي تقدم يرجح أن يكون الأسرى أو السجناء الألمان في فرنسا حينها ضمن الفريق الذي أخرج نفق زعبل إلى الوجود، إلى جانب الروس، حيث ورد في مقال معنون ب” il était une fois a l’oued ziz ” منشور في موقع www.a-a-a-g.fr أن”الجنود كانوا بعد العودة من عملهم الشاق يقضون ليالي الشتاء القارسة في تدخين بعض السجائر الجيدة وارتشاف كؤوس الخمر ولعب الورق والشطرنج نظرا لوجود قلة من الروسيين ضمنهم”، وذلك لتجزية الوقت و نسيان ظروف العمل المرهقة والشاقة ولو إلى الصباح حيث يجدون في انتظارهم الجلامد الصلدة والغبار المتناثر.
مصطفى ملو