عقد المركز العربي للأبحاث، في إطار فعاليات منتدى أكاديمية ابن رشد، ندوة صحفية يوم 05 من مارس2022 ،بفندق The Artisan Istanbul Mgallery بمدينة إسطنبول بتركيا لتقديم مخرجات تقرير أكاديمية ابن رشد الذي أعده الفريق البحثي للمركز.
ويعالج التقرير، على طول صفحاته، إشكاليتي التنمية الاقتصادية والانتقال الديمقراطي بمنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، بحيث يركز على دراسة وتحليل وتفسير ضعف وفشل المنظومة المؤسساتية العربية في مرحلة ما بعد 2011، محاولاً تقديم توصيات قابلة للتنزيل للخروج بالمنطقة من سلسلة الأزمات البنيوية التي تعيشها.
وتكتسي الوثيقة صبغة الراهنية لاتباعها مقاربة مزدوجة في فهم وقراءة ديناميكيات وتفاعلات المنطقة، ولتبنيها لنهج جديد في معالجة إشكالياتي التنمية الاقتصادية والديمقراطية بالعالم العربي.
ويدرس التقرير البنية المؤسساتية الاقتصادية والسياسية لأربع دول بمنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط (المغرب، وتونس، ومصر والسعودية)، حيث يركز على الفترة الزمنية الممتدة من 2010 إلى 2020 (العشرية السابقة)، أي منذ مرحلة ما يسمى “الربيع العربي” إلى مرحلة “الفيروس التاجي”.
وسعى فريق البحث إلى إنشاء مؤشر جديد يسمى مؤشر جودة المؤسسات (Institutional Quality Index) ويرمز له ب IQI، والذي ينقسم إلى مؤشر جودة المؤسسات الاقتصاديةEIQI (Economic Institutions Quality Index) ومؤشر جودة المؤسسات السياسية PIQI (Political Institutions Quality Index).
وفي هذا الصدد، وبعد تشخيص للبنية المؤسساتية على مستوى المؤشرات، وتفسير وشرح لتغيراتها وتقلباتها، قدم التقرير مجموعة من التوصيات لصانعي القرار بالدول المعنية بالدراسة بحيث أكد على:
- ضرورة التركيز على أهمية التقارير العربية المصاغة داخلياً ومحلياً، وذلك نتيجةً لتبني التقارير الدولية الصادرة عن المؤسسات الدولية لمقاربة بحثية محضة غير قادرة على سبر أغوار المنطقة العربية، بالإضافة لزاوية رؤيتها الحصرية ولحلولها المعروضة والمتسمة بالنمطية والجاهزية القبلية.
- لزوم إدماج الفاعل المدني في عملية تشخيص أسباب الـعـطـالـة ودراسة الخـلـل الـذي أصـاب العالم العربي من جهة، وفي عملية صياغة الحلول البناءة والفعلية من جهة ثانية
- ضـرورة مـسـاءلـة الإطـار المـؤسـسـاتـي، وتشـريـح بـنـيـة الـدولـة، وتحديد طـبـيـعـة الـقـطـاع الخـاص في الـعـالـم الـعـربـي عـوض تـقـديم وصـفـات اقـتـصـاديـة لمـاعـة تـبـسـيـطـيـة أدت إلى تكريس حالة الوهن المزمن للـهـيـاكـل الاقـتـصـاديـة الـعـربـيـة، حيث يتم إعادة إنتاجها وتـقـديمـهـا لـلـمـواطـن الـعـربـي بـحُـلَـلَ جـديـدة مـنـذ مرحلة ما بعد الاستقلال.
- وجوب الـتـفـكـيـر في مـاهـيـة الإصـلاحـات المـؤسـسـاتـيـة الـهـيـكـلـيـة العميقة والمستدامة الـكـفـيـلـة بـضـمـان صـمـامـات أمـان قـويـة لـعـدم عـودة قـوى الـفرمـلـة أو الـشـد للخلف لتعويض الإصلاحات القشرية والظرفية والهامشية المرصودة بين الفينة والأخرى في عدد من الدول العربية، والساعية في المحصلة إلى الاقـتـصـار عـلـى احـتـواء الـوضـع وضمان استدامة النظام القائم.
- الحاجة إلى انتهاج مـقـاربـات شـامـلـة ومتعددة المـنـاحي عـنـد الانـخـراط في أي مـشـروع مـجـتـمـعـي تـغـيـيـري. فـرغم أن الحـلـول الاقـتـصـاديـة الـبـحـثـة أو الـسـيـاسـيـة الـصـرفـة تظل ضـروريـة، لـكـنـهـا، وبمـعـزل عـن بـاقـي المـتـغـيـرات، تـبـقـى غـيـر كـافـيـة لـتـحـقـيـق الانـعـتـاق المـنـشـود. كما أن الأخذ بها منفردة ومنفصلة، أو مبتورة، أو مجزأة، لا يفرز تأثيرات وتغيرات حقيقية تتسرب أثارها وتجلياتها إلى المواطن العادي لجعله طرفاً مشاركاً ومنخرطاً وفاعلاً وحاملاً للمشروع التغييري.
وتجدر الإشارة إلى أن أكاديمية ابن رشد هي برنامج علمي ينضوي تحت لواء أنشطة المركز العربي للأبحاث أعطيت انطلاقته في سنة 2014. وتسعى الأكاديمية إلى تعزيز ثقافة سياسية دامجة في العالم العربي من خلال إشراك العديد من الأطراف المؤثرة وذوي المصلحة من ممثلي المجتمع المدني والباحثات والباحثين الشباب. وتشجع الأكاديمية المساهمات الفكرية الساعية إلى إغناء النقاش حول السياسات التي تؤثر على عمليتي الانتقال الديمقراطي والتنمية الاقتصادية في العالم العربي. وتعنى أكاديمية ابن رشد بصياغة أوراق السياسات حول مواضيع سياسية واقتصادية واجتماعية في العالم العربي، بحيث توفر تأطيراً ومواكبة أكاديمية للمشاركين والمشاركات من طرف مجموعة من الأساتذة الباحثين منذ مرحلة كتابة الورقة إلى مرحلة النشر. وتصدر الأكاديمية، من جهة أخرى، تقريراً أكاديمياً يسمى “تقرير أكاديمية ابن رشد” يتناول الإشكاليات البنيوية المؤسساتية في العالم العربي.