-عادل بنحمزة –
“أُسدل الستار على القمة العربية التي احتضنتها الجزائر والتي نظمت بعد تأجيل تكرر مرات. القمة اختارت لها الجزائر شعاراً إنشائياً وهو “لمّ الشّمل”. تقديري أن تنظيم الجزائر القمة تحت هذا الشعار هو دليل كاف على فشلها، وإن كان ذلك للحق ليس مسألة تقتصر على الجزائر فقط، ولكن لأن الوضع العربي العام والتعقيدات والتحولات التي يعرفها العالم في ظل التحولات الجيواستراتيجية التي لم تنته بعد، تظهر عجز منظومة القمة العربية ومعها الجامعة العربية عن مواكبة ما يحدث حول المنطقة ويفرض عليها ضغوطاً قوية، هذا الأمر استوعبه كثير من الدول، لذلك راحت تبحث عن بدائل، سواء ذات طابع جماعي إقليمي أم ذات طابع خاص أم متعدد الأطراف، وللصدفة فإن أغلب هذه الدول لم يحضر قادتها إلى قمة الجزائر لأسباب مختلفة.
الإشكال الأبرز الذي طبع قمة الجزائر، هو كونها تحولت إلى هدف في حد ذاته يتعلق بوهم تسويق صورة جديدة عن الجزائر التي بدأ تأثير ارتفاع أسعار المحروقات يظهر في سلوكها السياسي، بخاصة على المستوى الخارجي، إذ تريد النخبة الحاكمة في الجزائر استرجاع مساحات للعمل الدبلوماسي اقتطعت منها أثناء الولايتين الأخيرتين للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، والغالب على القيادة الجزائرية أنها تعيش في زمن مضى وتغرق في حالة من الاغتراب بالشعارات نفسها، وبلغة التحليل نفسها وبالمنظار نفسه للقضايا العربية المعقدة، والتي زاد تعقيدها على مر العقود الماضية.
فأن تحمل الجزائر شعار “لمّ الشّمل”، وهو للتذكير الشعار نفسه الذي اختارته عندما جمعت قبل أشهر التيارات الفلسطينية، يوضح درجة الشيزوفرينية التي تعانيها القيادة الحزائرية، إذ كيف يمكن لبلد يوقع على وضع شاذ، ليس فقط على مستوى العالم العربي بل على المستوى الدولي، والمتمثل في إغلاق الحدود البرية والبحرية والجوية، بما فيها الطيران المدني ويقطع علاقاته الدبلوماسية مع بلد جار هو المغرب، ويحتضن منذ 47 سنة ميليشيات مسلحة توجه سلاحها نحو المغرب، أن يأتي ويقول إنه يريد جمع شمل العرب؟ هذا التناقض يرشح وحده سبباً لكي تكون أي قمة عربية تحتضنها الجزائر على الخصوص، قمة فاشلة، ولو أن الفشل هو صفة ملازمة، مع الأسف، للعديد من القمم العربية في السنوات الأخيرة، ذلك أنها فقدت قدرتها على التأثير في الحوادث، ويبدو أن فشل قمة الجزائر هو دليل نجاحها…”
المصدر: النهار العربي