اعتبر الرئيس السابق لمجلس النواب، حبيب المالكي، أن الموقف الأخير للبرلمان الأوروبي تجاه المغرب “شارد عن التاريخ وحسن الجوار، ومتجاوز لقواعد الشرعية القانونية والأعراف الدولية”.
وأوضح السيد المالكي، في مقال حول هذا القرار، أن سياقات هذا القرار انبنت ومنذ مدة، على سيرورة من الأحداث والتراكمات التي أظهرت المغرب قوة اقتصادية إقليمية صاعدة، ومركز ثقة وفضاء للحوار والتعددية والتعايش، وركنا موثوقا لحسن الجوار، مشيرا إلى أن هذا الأمر هو “ما كان يزعج العديد من الأطراف المناوئة لكل تقدم يشهده المغرب”.
وأضاف أن هذا الموقف لا يعدو أن يكون “نتاج مسلسل من ردات فعل، ظاهرها ليس كباطنها، ظاهرها وضعية حقوق الإنسان، وباطنها “ابتزاز” وتحريض يسعى لفرملة إنجازات المغرب الاقتصادية، وحياد واستقلال قراره السياسي، ونفوذه الجيوسياسي إفريقيا وعربيا، وعلاقاته المتميزة مع جميع البلدان”.
وأبرز، في هذا السياق، أن توصية البرلمان الأوروبي تستقر على سياسة ممنهجة، تنبني على” تجاوز غير مشروع قانونيا وأدبيا لاختصاصاته”، وعلى “التدخل في شؤون مؤسسات القضاء واستقلاليته وسير العدالة”، وكذا على “نزعة من الوصاية” المتنافية مع الشرعة الدولية.
كما أكد الرئيس السابق لمجلس النواب أن كل الإشارات المتفرقة الصادرة عن البرلمان الأوروبي تعكس “عدم حياده بالمرة وافتقاره إلى هذه الصلاحيات بالأساس”، ومحاولة البحث عن حالات معينة صدرت فيها أحكام أو لا تزال معروضة على القضاء، يعزز بها ادعاءاته التعسفية والمنحازة، ويحاول من خلالها التأثير في مقررات القضاء، ضدا على المواثيق الدولية والتقاليد والأعراف.
وفي سياق ذي صلة، سلط السيد المالكي الضوء على الإرادة السياسية وحرص السلطات والمؤسسات العليا للمغرب على تعزيز حماية حقوق الإنسان الفردية والجماعية، وتوطيد دعائم دولة الحق والقانون، والحرص على تطبيق المقتضيات القانونية الوطنية والالتزامات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، لافتا إلى هذه الانتقادات “غير المسنودة بأي شكل من أشكال الملاحظة والتبين، تبقى تدخلا سياسيا تعسفيا في شؤون دولة ذات سيادة”.
وتابع أنه “انطلاقا من موجبات سياسة دولتنا في مجال حقوق الإنسان، ودفاعا عن مكتسباتنا الحقوقية، فإن أي حديث موضوعي عن حالة حقوق الإنسان لا يحتمل ازدواجية المعايير، خصوصا أن بعض الدول الأوربية لا تزال بعيدة عن الكثير من المعايير الدولية التي يتبناها المغرب في مجال الحريات واستقلال القضاء”.
كما أبرز وفاء المغرب الدائم بالتزاماته وتعهداته الدولية، مبينا أن ذلك يظهر جليا في تشجيعه الدائم للانخراط والتعاون مع مؤسسات حقوق الإنسان، واستقبال المساطر الخاصة، والنهوض بقدرات المؤسسات والفاعلين، والتفاعل الإيجابي مع كل التقارير الوطنية والدولية الصادرة عن المؤسسات والهيئات المعنية، علاوة على إشاعة ثقافة حقوق الإنسان، عبر توفير الضمانات الأساسية للاستدامة في حقوق الإنسان، وإدراجها في كل البرامج والأوراش.
وأعرب السيد المالكي عن تفاؤله إزاء هذا الموقف، ذلك أنه “وإن كان منعطفا يحمل تداعيات مقلقة على العلاقات المستقبلية- سرعان ما ستنتصر روح الشراكة الاستراتيجية وجودة التعاون، متى اتسم أعضاء البرلمان الأوروبي بالقليل من الحكمة والاستقلالية”، مشيرا إلى أن هاتين الصفتين “كانتا لدى رئيس البرلمان الأوروبي السابق، السيد دافيد ساسولي، ولمستها حين قمنا بزيارة البرلمان الاوروبي في بداية الولاية التشريعية العاشرة، وكانت نتائج هذه الزيارة جد مثمرة على المستوى الدبلوماسي والتعاون البناء”.