في بلدة محاميد الغزلان الصحراوية في جنوب شرق المغرب، لا تزال لعبة الهوكي على الرمل تثير شغف قلة من الهواة الذين يحاولون جاهدين الحفاظ عليها من الاندثار باعتبارها جزءا من تراث الرحل في المنطقة الموروث عن الأجداد.
بمناسبة المهرجان الدولي للرحل الذي احتضنته البلدة مؤخرا، تجمع مجموعة من الهواة والفضوليين حول ملعب صغير يحيط به العشب، في انتظار انطلاق مباراة في اللعبة. وتواجه في المباراة لاعبون من فريقين يحملون مضارب منحوتة من خشب النخيل، بأقدام حافية فوق أرضية رملية.
يرتدي أعضاء أحد الفريقين “دراعيات” باللون الأزرق، بينما اختار أعضاء الفريق الثاني اللون الأبيض لهذه الجلابيب الرجالية الخفيفة الواسعة الانتشار في الصحراء، وغطوا رؤوسهم ووجوههم “باللثام” الأسود الذي يحتمي به الرحل والصحراويون بشكل عام من قساوة الطقس.
يطلق على اللعبة محليا اسم “المكشاح” باللهجة الحسانية، وهي كلمة عامية شائعة في عموم المناطق الصحراوية في شمال غرب المغرب الكبير. وتمارس عادة للتسلية في أوقات الفراغ، كما يوضح أحد اللاعبين حمادي بوداني.
ويضيف “كان أجدادنا رحلا، وكانوا يرتاحون من ترحالهم كلما استقر بهم المقام في مكان، ولتمضية الوقت كانوا يلعبون هذه اللعبة التي اخترعوها انطلاقا من تقاليد الصحراء”.
يتكون الفريقان المتنافسان من سبعة لاعبين، وقد يكون العدد أكبر أحيانا، ويتواجهان فوق ملعب رسمت خطوطه باليد، ويسعى كل منهما الى إيصال الكرة إلى ما وراء خط مرمى الخصم، تحت رقابة حكم يسمونه “الشيخ”.
تبدو اللعبة الصحراوية أشبه ما تكون برياضة الهوكي على الجليد الشهيرة في أميركا الشمالية وبلدان أوروبية، أو على العشب كما تمارس في بلدان أخرى.
وإذا كان صعبا تحديد من اخترع هذه اللعبة أولا، فمن “المؤكد أن الرحل لم يكن بوسعهم الاطلاع على أن لعبة مشابهة للحسانية ت مارس في الغرب”، وفق ما يقول بودان.
تتطلب النسخة الصحراوية للهوكي الدقة والإتقان للتحكم في الكرة وتمريرها وضربها، وسط الغبار المتناثر تحت وقع الأقدام الحافية للاعبين.
وكما هي الحال إجمالا بالنسبة لألعاب شعبية أو رياضات تقليدية أخرى يتهددها الاندثار، تراجعت ممارسة “هوكي الرحل”، وتغيب المباريات الخاصة به.
ويقول رئيس جمعية الألعاب التقليدية والرياضة في محاميد الغزلان رشيد لغوانم “هذا ثرات ورثناه أبا عن جد، ومن الضروري بالنسبة إلينا حمايته من الاندثار”.
ويضيف “نحاول أن نثير اهتمام الشباب على الخصوص بهذه اللعبة من خلال تنظيم دوريات في مهرجانات مختلفة”.