عاش زوار المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط يوم أمس الأحد، لحظات محاورة ثقافية مع الكاتب الليبي إبراهيم الكوني الذي تجلت تجربته الأدبية في عمق ارتباطه بالصحراء.
وبسط الكاتب الليبي، خلال لقاء مفتوح قام بتنشيطه الكاتب المغربي ياسين عدنان، تطلعاته الأدبية التي تهتم بالصحراء كمنطقة شاسعة ذات أبعاد إنسانية وكونية، في صيغ إبداعية تظهر الإنسان الصحراوي في شمولية تجلياته.
وقال إبراهيم الكوني، الذي من أبرز مؤلفاته الروائية “ناقة الله” و”التبر” و”عشب الليل” و”جنوب غرب طروادة وجنوب شرق قرطاجنة”، إن “الهم الذي يسكنني هو الكيفية التي أستطيع بها أن أستنطق الصحراء لتتكلم لي، وتكشف عن مكنوناتها”، مبرزا أن “الصحراء لم تستطع أن تقول كلمتها على المستوى الأدبي”، رغم أن إبداعاته تتجاوز التسعين عملا، حيث “لا زلت عاجزا” لأن “الصحراء بالفعل سر كبير”.
واعتبر أنه “لا يوجد عمل أدبي في العالم يتحدث عن الصحراء وجوديا ودينيا”، لأن “الصحراء ليست مسرحا للنزهة السياحية وظاهرة طبيعية فقط، بل لها أبعادها الكينونية والميتافيزيقية والدينية”، مضيفا أن “الصحراء وطني الذي يسكنني”.
وعن سؤال حول كيفية نقل أساطير الصحراء إلى جنس الرواية؟، شدد إبراهيم الكوني أن تفكيره الأول ينطلق من الأمازيغية وينقل خطابه إلى اللغة العربية، معتبرا أنه لا يمكن لأي شخص أن “يكتب جيدا عن الصحراء إن لم يكن صحراويا، ولديه معرفة بخصوصيات إنسان الصحراء الذي تسكنه الأساطير والنبوءات والديانات”، وهي مجالات “لا يستطيع الإنسان الغربي أن يتخيلها”.
وذكر الكوني أن “الإنسان الصحراوي مختلف عن الآخرين في كل نشاطه”، مشددا على أن “الأدب العربي الكلاسيكي لم يستطع أن يلامس المناطق الروحية للإنسان الصحراوي وبالتالي تقديم حقيقة الصحراء”.
وخلص إبراهيم الكوني، الذي تتشعب كتاباته بين الأدب والنقد والسياسة والتاريخ والرواية، إلى أن “الصحراء ما زالت تنتظر من يقول كلمتها”.
من جهته، أكد ياسين عدنان أن لإبراهيم الكوني، المسكون بالصحراء وعالمها، قراء عديدون في مختلف مناطق العالم، وهو “أكثر أدباء اللغة العربية ترجمة إلى اللغات الأجنبية”.
وأشار الكاتب المغربي إلى أن هذا المؤلف الليبي تشبع بثقافة الطوارق وسافر بها إلى كل الأمكنة، وأنه ضمن أصحاب المشاريع الأدبية الذين أدمنوا الهجرات والسفر، معتبرا أن “الصحراء لا تبوح بأسرارها بسهولة” للأدباء.
يذكر أن الكاتب والروائي الليبي إبراهيم الكوني (ولد سنة 1948) حاز العديد من الجوائز الدولية، من بينها جائزة الدولة الاستثنائية الكبرى التي تمنحها الحكومة السويسرية عن مجمل أعماله الروائية المترجمة إلى الألمانية.
وصدرت له روايات عديد من ضمنها “رباعية الخسوف”، و”نزيف الحجر”، و”المجوس”، و”الفم” و”السحرة” و”عشب الليل” و”واو الصغرى”، ومؤلفات أخرى منها “نقد ندوة الفكر الثوري” و”الصلاة خارج نطاق الأوقات الخمسة” (قصص ليبية)، و”ملاحظات على جبين الغربة” (مقالات) و”جرعة من دم” (قصص).
يشار إلى أن الدورة الحالية للمعرض الدولي للنشر والكتاب، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تعرف مشاركة 737 عارضا من 51 بلدا، منهم 287 عارضا مباشرا، و450 عارضا غير مباشر، يمثلون 51 بلدا، فيما يحل إقليم كبيك ضيف شرف على الدورة.
كما تشهد الدورة تقديم عرض وثائقي يتجاوز عدد عناوينه 120 ألف عنوان بحقول معرفية مختلفة ورسالة ثقافية مشتركة، ليكون زوار المعرض من المغاربة والأجانب في رحاب أكبر مكتبة مفتوحة.