عن سن مائة سنة،توفي أمس بنيويورك ثعلب السياسة وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسنجر،الذي أدى دورا محوريا في السياسة الخارجية الأمريكية خلال الحرب الباردة بين الإتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأمريكية.
ويعتبر الراحل هينري كيسنجر من الشخصيات السياسية المؤثرة في العالم خلال المائة عام الأخيرة،وآخر أجيال السياسيين أصحاب الفكر والتأثير والشخصية المستقلة والقوية كون من خلفوه فيما بعد كانوا مجرد فريق سكرتارية بيروقراطي بلا فكر ولا تأثير ولا ابداع…
صحيح أن الكل كان يكره انتمائه وتحيزه الأعمى للكيان الصهيوني الغاشم، وهذا أمر لا تتناطح فيه عنزتان،لكن الكل كان معجب في ذات الوقت بقدراته العقلية الواسعة وفكره العبقري في ادارة العلاقات الدولية وقراءة المشهد السياسي العالمي بحرفية كبيرة، ما جعله أداة مهمة من أدوات السياسة الخارجية الأميركية حتى بعد خروجه من الوزارة، وكانت آخر مهامه زيارة الصين الشهر الماضي بغرض الوصول لحل وسط بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، يجنب العالم صداماً مزلزلاً بين البلدين الأكبر في العالم!…
الثعلب كسنجر أدار العديد من العمليات السياسية في الشرق الأوسط، وكان مهندس عملية السلام بين مصر واسرائيل، وكان أول من أيقن بعد أيام من حرب أكتوبر بين مصر واسرائل، أنه ليس هناك بديل عن السلام مع مصر لإستقرار المنطقة، وان استمالة مصر للمعسكر الأمريكي سيكون الضربة القاضية للنفوذ الروسي، وهو ما حدث بالفعل وكان خطوة أولى في سقوط الاتحاد السوفيايتي!..
رحل كيسنجر بعد ما توقع الحرب العالمية الثالثة قبل قيامها بسنوات، وبعد ما تدخل في محاولة مهمة لنزع فتيلها، لكن المؤكد أن النظام العالمي القديم فقد العقل والفكر والبوصلة برحيله والمؤكد ايضاً أن النظام العالمي الجديد قد كسب الكثير من رحيله ايضاً.
عبد العزيز ملوك