- اندلس البكري
عاشت بغداد أيامًا استثنائية على وقع مهرجان بغداد السينمائي الدولي الأول، وجوه عراقية وعربية ومغربية لامعة حضرت وواكبت عروض وفعاليات المهرجان وأمتلئت صالات العرض بجمهور متذوق للسينما وشغوف بالمتابعة لكل المحافل الفنية والثقافية وحفلت الندوات والنقاشات بتحليلات فنية عميقة حول التقنيات السينمائية ومضمون الافلام المشاركة في المهرجان، وتوافد نجوم الفن وصناع السينما من مختلف أنحاء العالم للمشاركة في هذا الحدث الفني البارز، مُشكلين لوحة فنية مُتنوّعة تُجسّد عرسًا سينمائيًا حقيقيًا جمع ثقافات العالم.
اللجنة التنظيمية للمهرجان برئاسة د. جبارجودي العبودي نقيب الفنانين ومدير عام دائرة السينما والمسرح حرصت على التدقيق في اختيار 150 فيلما من ضمن بين مئات الأفلام المتقدمة للمشاركة في المهرجان، تنوعت الافلام المشاركة بين خمسة فئات للمسابقات اولها فئة الافلام الروائية الطويلة ثم فئة الافلام الروائية القصيرة وفئة الافلام الوثائقيه وفئة أفلام التحريك الانميشن واخر فئة أسسها المهرجان هي فئة فضاءات سينمائية جديدة التي تحدث حولها رئيس المهرجان د.العبودي قائلا: خلقنا هذة المسابقة لإنعاش الإنتاج السينمائي العراقي ولدعم وتشجيع السينما العراقية وصناعها و من خلالها تقديم أفلام أنتجتها نقابة الفنانين للمهرجان بتمويل كامل من النقابة وهي عشرة افلام ثمانية روائية وفلمين وثائقيين ناقشت الافلام أفكارًا مُتجددة من إبداعات صناع سينما من ثقافات متنوعة.
مشاركة مغربية مميزة ومؤثرة
كان للمغرب حضور مهم وتفاعلي في المهرجان، حيث شارك فيلمان مغربيان هما الفيلم الروائي الطويل “مطلقات الدار البيضاء” للمخرج محمد عهد بنسودة، و الفيلم الروائي القصير”الموجة الأخيرة” للمخرج مصطفى فرماتي. تفاعل الجمهور مع الفيلمان باحداثهما وابطالها ونال فيلم “مطلقات الدار البيضاء” جائزة أفضل إخراج، متوجاََ رحلته ورحلة صانعيه الإبداعية وفي مقدمتهم مخرج الفيلم مما يدل على تميز السينما المغربية بالواقعية والقرب من الجمهور وملامسة واقع الحياتي وطرح مشاكله بكل شفافية وعمق وقدرتها على تقديم اعمال مهمة ومؤثرة خصوصا وان الفيلم حصد جوائز عديدة في المهرجانات الوطنية والدولية.
التقينا الفنانة بشرى أهريش بعد عودتها من بغداد الى الرباط وهي احدى بطلات الفيلم والفنانات المغربيات المدعوات للمهرجان وكان لنا معها هذا الحوار
كيف كانت تجربتك في فيلم “مطلقات الدار البيضاء”؟
كانت تجربة مثمرة ومميزة فالفيلم مكتوب بحرفية عالية والمخرج اعتمد الاشتغال على الاحاسيس وبراعة الممثل في التعبير عن احاسيس ومعاناة الشخصية بالكلمة والحركة والايماءة، الفيلم تناول موضوعا هامًا يمس أغلب الأسر في مجتمعاتنا وحتى العالمية، أن تناقش موضوعا مثل الطلاق برؤيا واقعية عصرية عميقة وتلقي الضوء على ضحاياه الزوجة والزوج وفي نظري أهم الضحايا هم الابناء وما يعانونه من تبعات الطلاق وتفكيك الأسرة وغياب احد الوالدين كذلك ضغط المجتمع المحيط بهم بمعالجة ورؤية جديدة كان تميزت وتتويجا لرؤية المخرجفي تعامله مع القضايا الإنسانية من خلال مجموع افلامه وابحاثه. بالنسبة لي رسالتي من خلال الفيلم للزوج والزوجة هي التأني ثم التأني في اتخاذ القرارات التي تتحكم بمصير الأسرة والرجوع الى النقاش والتفاهم الودي في تقرير مصير علاقات زوجية وارتباطها بتحديد علاقتها بالابناء سواء كانت مؤلمة أو سامة من اجل مصلحة افراد هذه الأسرة في متابعة حياتها والسعي إلى بناء مستقبل مزهر لابناءها، أنا بذلت جهدي لتقديم دوري وتجسيد أبعاده التي تتمثل بالصمت على الألم والصبر والحكمة في تسير امور بيتي وعائلتي في ظل غياب الزوج عن كل تفاصيل الأسرة ورعايتها كل دوره هو توفير ما هو مادي للبيت مقابل إنشغاله بجمع الاموال والحفاظ على مكانته السياسية والاجتماعية هي حالة إنسانية تسلط الضوء على الحس والمشاعر الفاترة من الزوج تجاه زوجته وابنائه التي تؤلم الزوجة والاهمال الأسري الذي يضاعف العبئ النفسي والاجتماعي على الزوجة هو نوع من الطلاق العاطفي والانساني والاجتماعي وليس الطلاق الفعلي بالعرف والقانون، وأنا سعيدة جدًا بفوز الفيلم بجائزة أفضل إخراج.
حضرت مهرجانات وطنية دولية عديدة، ما الذي أعجبك في مهرجان بغداد السينمائي؟
أعجبني تنظيم المهرجان وحسن استقبال الضيوف، كما أعجبني تنوع الأفلام المشاركة. لقد كان حدثًا فريدًا جمع نخبة من صناع السينما من مختلف أنحاء العالم روادها وشباب. كذلك حب ودعم وحضور الجمهور العراقي لفعاليات المهرجان والترحيب الحار بالضيوف حتى في الشوارع والمقاهي والمراكز التجارية يستقبلك الناس بحب وكرم ضيافة واعجاب واحترام عالي.
ما هي توقعاتك لمستقبل السينما العربية والمغاربية؟
أنا متفائلة جدًا بمستقبل السينما العربية والمغربية، رغم كل الانفتاح الرقمي والوسائط الفنية الاخرى تبقى الشاشة الفضية ساحرة الجماهير وتحمل متعة الفرجة المتجددة دائما، كما أن مواضيعها في تجدد ومواكبة باحداث العالم واصبحت أكثر واقعية وقربا من الجمهور كما أنها مختبر للمواهب الجديدة والواعدة. أعتقد أن السينما العربية والمغربية كذلك ستتطور بشكل كبير في السنوات القادمة، وستصبح بفضل مهارات كتابها وبراعة ممثليها،فنييها ومخرجيها الى جانب توظيفها التكنولوجيا وتقنياتها ستكون أكثر إبهارا وتنوعًا وإبداعًا.
رغم أن مهرجان بغداد السينمائي الدولي الأول هو الأحدث بين المهرجانات السينمائية العربية والمغاربية إلا انه التزم بتقاليد المهرجانات السينمائية الكبرى وأضاف بصمته الخاصة في خلق حدثً سينمائي ناجحً بكل المقاييس، وساهم في تنشيط حركة السينما وتعزيز التواصل بين صناع السينما من مختلف الدول. ونحن نأمل أن يستمر هذا المهرجان ويكون منارة من منارات السينما بالشرق الوسط والمغرب الكبير في المستقبل.