ينظم مختبر البحث في اللغة والأدب والترجمة بالكلية متعددة التخصصات بتازة وبشراكة مع الجمعية المغربية للبحث اللساني ندوة دولية في موضوع: “البحث اللساني: إنجازات وتطلعات” يومَي 13 و14 نونبر 2024. وحسب أرضية الندوة، فإن البحث في اللغة يستمد قوته ومشروعيته من كونها تتدخل في ثقافة الإنسان، وفي رؤيته وتقطيعه للعالم، وفي سلوكه، وفي كل تجلياته المعرفية.
وأكدت الأرضية ذاتها أن اللغة تلتقي وتندمج فيها آليات عدة، كل واحدة منها ضرورية، لكنها غير كافية؛ لذلك استحقت اللغة أن توصف بالنسق المركب؛ فشدّت إليها تخصّصات تتكامل، وتتقاطع، وتختلف دون أن يستطيع أي منها أن يقدّم فهما ملائما وكافيا لهذا النسق المعقد. وعليه فإن البحث اللساني، وبالنظر إلى تعدد زوايا النظر فيه، لم يوفر لنا إلا مقاربات جزئية تجعل كل تخصص لا يملك إلا جزءًا من الحقيقة. وهذا ما سوغ التفكير في جعل هذا الملتقى العلمي ينحو إلى النظر إلى الظاهرة اللغوية من زوايا مختلفة، والتعدد لا يطول فقط التخصصات المعنية بالظاهرة اللغوية، بل يمتد أيضا إلى تصميم النحو نفسه بحكم تمفصله في أنماط من القواعد “الجزئية” المستقلة والمتفاعلة في الآن نفسه، ويُتوسَّل بكل نمط من أجل تحديد تجليات وخصائص كل مستوى تمثيلي.
وتجاوزا لكل الأسس التصورية التي حكمت تشكل النظرية اللسانية المعاصرة سواء من جهة حدود العلمية فيها، أومن جهة ما بلورته عن طبيعة اللغة، وكيفية اكتسابها، واستعمالها، إلخ، نقول إن طبيعة أنماط القواعد (اشتقاقية، تمثيلية، تقييدية، متصلة، متقطعة، ظاهرة، خفية، إلخ.) هو ما مثّل مدار الاختلاف بين الاتجاهات اللسانية، ومثل أيضا وقود تطورها؛ فتحقق ما تحقق من تراكم نوعي في مقاربة الظاهرة اللغوية في بعدها الكلي والخاص، وفي حدودها البنيوية وامتداداتها الوظيفية.
ونتيجة لهذا التراكم طور البحث اللساني آلياته النظرية والتقنية، استجابة لشروط التحول الذاتي، وكذلك متغيرات السياق العلمي العام. ولتلمس مسارات التحول في البحث اللساني فكرنا في تنظيم هذه الندوة التي تروم أوّلًا الوقوف عند المنجز تقييما لأسئلته وما أفرزته من أجوبة لمقاربة الظاهرة اللغوية، وثانيا استخلاص مآلات هذا المنجز وآفاقه لرسم معالم أسئلة المستقبل، ومن أجل بلوغ هذه المقاصد وضعنا لهذه الندوة إطارا عاما يتمثل في الدعوة إلى تخصيص مجالات الاشتغال في المستويات اللسانية التالية: الصواتة، والصرافة، والتركيب، والدلالية، والتداولية، دون إغفال مستلزمات السياق المعرفي الخاص والمتغيرات العلمية ذات الأثر في توجيه البحث اللساني.
وتلتئم هذه الندوة العلمية حول محاور تروم تقييم حصيلة البحث اللساني المتصلة بالمستويات اللسانية: الصواتة، والمعجم، والصرافة، والتركيب والدلالية، والتداولية، وكذلك تقديم مقاربات، وقضايا، وظواهر تتصل بالمستويات اللسانية المذكورة أعلاه والمقيدة بشرط الآنية، دون إغفال وضع البحث اللساني في سياقه العربي الخاص إظهارا لحدود إنتاجيته في هذا السياق، وكذا في سياقه العلمي العام استثمارا لما يشقه من آفاق واعدة.
وتهدف الندوة إلى تقييم المنجز اللساني في مقاربته للظاهرة اللغوية، وإبراز مظاهر التجديد في البحث اللساني استشرافا لمعالمه المستقبلية سواء على مستوى الظواهر أو على مستوى المقاربات.