الرئيسيةالجامعةماستر التواصل بالمدرسة العليا للأساتذة بالرباط يقارب قضية تحليل الخطاب وعلاقته بالعلوم المعرفية

ماستر التواصل بالمدرسة العليا للأساتذة بالرباط يقارب قضية تحليل الخطاب وعلاقته بالعلوم المعرفية

نظم أخيرا ماستر التواصل وتحليل الخطاب المؤثر بالمدرسة العليا للأساتذة بالرباط، درسا افتتاحيا من تأطير فضيلة الأستاذ الدكتور محمد غليم في موضوع “التواصل وتحليل الخطاب لسانيات الخطاب والعلوم المعرفية وبتسيير فضيلة الأستاذ حسن مالك إلى جانب السادة الأساتذة الموقرين إسماعيل المساوي وعبد القادر بقشا.

وجسدت جميع المداخلات المقدمة من لدن السادة الأساتذة، ومن قبل الزملاء الطلبة ثقافة حسن الاعتراف من تبادل الشكر والعرفان، بدءًا من السيد مدير المدرسة العليا للأساتذة الذي أقر بالأهمية البالغة لهذا الماستر باعتباره تكويننا يأتي في رؤية أكاديمية تهدف إلى تكوين طلبة متمكنين من أدوات تحليل الخطاب الحديث وقادرين على استيعاب الخطابات المعاصرة بمخلف أنواعها السياسية والاجتماعية، والمؤسساتية، والإعلامية، كما أشاد بأهمية الموضوع المتناول داخل الدرس الافتتاحي، كونه اختيارا يعكس وعيا علميا متقدما نظرا لتداخل المقاربات المتعددة التخصصات فيه؛ إذ لم تعد لسانيات الخطاب مبحثا لغويا صرفا فحسب، بل أضحت مجالا معرفيا يتقاطع فيه التحليل اللغوي مع آليات الإدراك وبناء المعنى، والتمثلات الذهنية، والسياقات الاجتماعية والثقافية.

وانتقلت الكلمة بعد ذلك إلى السيد نائب المدير المكلف بالبحث العلمي بالمؤسسة الذي صرح بدوره بالأهمية الأكاديمية للماستر، باعتباره محطة مهمة في مسار التكوين والبحث العلمي داخل المؤسسة نظرا للحاجة الماسة التي تتطلبها مقتضيات التكوين الأكاديمي، خاصة في مجال تحليل الخطاب والتواصل، بما يسهم في تطوير البحث العلمي وتكوين باحثين ومختصين قادرين على فهم آليات التواصل المعاصر وتحليل الخطاب بمختلف أنواعه والكشف عن آليات التأثير والإقناع، وتعزيز فهم العلاقات البيئية بين تحليل الخطاب والعلوم المعرفية.

وفي هذا اللقاء تناول الكلمة فضيلة الأستاذ إسماعيل الموساوي، منسق ماستر التواصل وتحليل الخطاب المؤثر الذي قدم مداخلة، أصالة عن نفسه ونيابة عن رئيس شعبة اللغة العربية وآدابها فضيلة الأستاذ محمد الشيكر، متمنيا في مقدمتها اطراد المزيد من المحاضرات العلمية والدورات التكوينية، والدروس الإلتقائية المرتبطة بمجال التواصل وتحليل الخطاب، بما يهدف إلى الرفع من نجاعة التكوين وتجويد مردوديته. كما استغل الأستاذ الفرصة لشكر جميع السادة الأساتذة بالمدرسة العليا والأطر الإدارية العاملة بها على مجهوداتهم الجبارة الرامية إلى الرفع من مستوى التكوين الأكاديمي، مؤكدا على أهمية النخبة المثقفة، التي منها تتولد الأفكار والبرامج والمقترحات والمشاريع، ومبرزا غيرته وعاقدا أمله في أساتذة المدرسة العليا للأساتذة، باعتبارها المدرسة السابقة للتجديد البيداغوجي وموصيا بوطنيته المعهودة بجعل خدمة للوطن نصب الأعين، وجعل خدمته فوق كل اعتبار، مؤكدا على ضرورة ترك الأثر في هذا الوطن، لأن الجميع يموت ويبقى الوطن.

وأكد المتحدث على أن اختيار هذا الماستر بالتحديد يعزو إلى قناعة تعتبر اللغة أو الخطاب أو النص الأدبي مسألة تتعدى وظيفتها التواصلية لتصبح وسيلة للتأثير؛ بما تحدثه من أثر نفسي وفكري في المتلقي، إذ تمتد اللغة لتشمل تحريك المشاعر وإثارة الانتباه وإقناع الآخر.

ونيابة عن اللجنة المنظمة وهيئة التنسيق العلمي لهذا الدرس أخذ فضيلة الأستاذ عبد القدر بقشا الكلمة ليؤكد في البداية على أن تنظيم الندوات والمؤتمرات ومختلف الأنشطة العلمية ليس ترفا، بل هو من صميم مهام الجامعة، وهو أمر يقتضي المرافعة عليه والحرص على تنويع أساليب عرضه وتقديمه في نوع من الحكامة الجيدة، كما اعتبر الأستاذ أن هذه المناسبة تهدف بالأساس إلى الإقرار بجهود فضيلة الأستاذ محمد غليم في اللغة العربية عامة وفي مشروعه العلمي خاصة الرامي إلى دراسة مختلف التصورات الذهنية المرتبطة بالمعنى.

وأعلن فضيلة الأستاذ حسن مالك عن بداية الدرس الافتتاحي مقدما نبذة مختصرة عن فضيلة الأستاذ محمد غليم، ومعرجا على بعض مناقبه ومهامه ومشيرا إلى بعض مؤلفاته العلمية باعتباره قامة علمية شامخة في مجال الدرس اللساني، حيث يتمثل مشروعه العلمي أساسا في دراسة بنية المعنى أو بنية التصورات ومختلف أنساق الذهن البشري في اللغة العربية وباقي اللغات الأخرى.

وتسلم فضيلة الأستاذ محمد غليم الكلمة معبرا في مطلعها عن سعادته بالتواجد في رحاب المدرسة العامرة، ومتمنيا جميل التوفيق والسداد لعموم الطلبة ولجميع الأطر التربوية، والإدارية المشتغلة بالمدرسة العامرة، مؤطرا لمداخلته القيمة في حدود عنوان الدرس الافتتاحي، الموسوم بالتواصل وتحليل الخطاب لسانيات الخطاب والعلوم المعرفية، ومركزا بالتحديد على بعض الجوانب الجوهرية المتصلة بموضوع التواصل، بدءًا من المفهوم الذي عرض له الأستاذ من خلال بعض الأسئلة المقاربة لهذا التعريف من قبيل: كيف نتواصل ؟ كيف يمكن أن نقول إننا نتواصل وأذهاننا منفصلة ومعانيها تتكون فيها ؟ وأشار في هذا الصدد إلى فضل بعض العلوم المعرفية المسعفة في تعريف هذا المفهوم من قبيل نظرية العمل التي تسهم اليوم في دراسة التواصل في ارتباط ببعض المفاهيم كالقصد والهدف والحركة… ليتساءل الأستاذ عن كيف يتم هذا التواصل؟ وماهي القدرات المعرفية والإدراكية، والتصورية والحسية، والعاطفية التي تجعل هذا العمل ممكننا ؟ مما يبين حسب قوله، إننا لم نحقق تقدما كبيرا في دراسة التواصل، ليستدك على سبيل التعريف فيقول إن التواصل يفهم أساسا باعتباره تفاعلا قضويا تمثيليا يرتبط بالقدرات والحالات الذهنية كالأهداف والمعتقدات والتصورات مجردة عن أسسها كونها رموزا لا إحالة لها في عالم التجربة البشرية الداخلية والخارجية؛ إذ ترتبط الداخلية بالعاطفة وترتبط الخارجية بالحواس الخمس.

وانتقل الأستاذ المحاضر إلى تعريف المعرفة بوصفها تمثيلات رمزية خالية من الإحالة على اعتبار أن أي رمز ذهني هو نتيجة مسار تكوني في التجربة البشرية عصبيا أو إدراكيا، كما أشار أن السلوكات البشرية تتصرف بحركات لا واعية بنسبة تفوق الحركات الواعية وميز بين المقاصد التواصلية الفردية والمشتركة، على اعتبار أن التواصل الفردي ليس حالة ذهنية مرتبطة برغبة الفرد ومقصده، بل إن للقصد مقاصد بعيدة تحدد الغايات والسلوكات التي نقوم بها من حيث الزمن والبنية… وبالتالي فإن الأستاذ محمد عليم قد عمل على تشريح مفهوم التواصل من منظور تصوري معرفي مجددا البحث في أعماقه المعرفية والعصبية ومعرجا على ذكر بعض الدراسات السابقة في الموضوع.

وانتهى الدرس بتفاعل الحضور عن طريق تعميق النقاش بطرح مجموعة من الأسئلة من قبيل: هل يمكن اعتبار اللغة لغة فطرية أم مكتسبة ؟ ما علاقة التواصل بالمقام؟ ألا يمكن أن نستفيد من نظرية وظائف اللغة في المزج بينها وبين نظرية كرايس؟ كيف تسهم اللسانيات المعرفية في توسيع مفهوم الخطاب وفي تحليل تشكل المعنى داخل الذهن؟ ما العلاقة بين العلوم المعرفية والتداوليات ؟ وهل يمكن الحديث عن خطاب مؤثر دون حضور الجسد وفي غياب الإشارات والإماءات ؟ كما تخلل الدرس مداخلات بعض السادة الأساتذة منهم، الأستاذ عبد الله أزور… وأنهى الأستاذ الدرس بمقاربة الأسئلة المطروحة، ليكون بذلك درسا تفاعليا مفيدا، قارب التواصل من منظور تصوري معرفي وفتح أفاقا للطلاب و الباحثين والمستمعين لمزيد البحث في هذا الطرح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *