أكد الأكاديمي والجامعي عبد العزيز القراقي، أن الأزمة القائمة بين المغرب وإسبانيا تفيد بأن الرباط ضاقت ذرعا بالمعاملة الدبلوماسية غير المسؤولة لمدريد.
وأضاف القراقي، في تصريح لوكالة المغرب للأنباء بهذا الخصوص، أن “إسبانيا لم تعر قيمة لأي من الاعتبارات التي من المفروض أن تكون حاضرة بثقلها على مستوى العلاقات بين البلدين، لأنها تدرك أكثر من غيرها، أن الصحراء التي كانت تستعمرها هي أرض مغربية، وأنها احتلتها بناء على منطق إمبريالي ساد في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين”.
وأشار إلى أن “إسبانيا تدرك أيضا، لكونها كانت متواجدة بالمنطقة كقوة مستعمرة لمدة طويلة، أن مختلف الروابط التي كانت تجمع السكان بالمغرب لم تنعدم أو تنقطع قط ، وبقيت مستمرة على كافة المستويات، وتدرك أكثر من غيرها أنها كانت تمهد عبر طرق متعددة لانتزاع الصحراء من المغرب، وتأسيس كيان وهمي ضعيف يبقى دائم الحاجة إليها، وذلك عبر استغلال هفوات مساطر الأمم المتحدة، من أجل تكريس وجودها إلى الأبد في المنطقة”.
وسجل أن سلطات مدريد تعي جيدا أنه طيلة تواجدها بالمناطق الجنوبية للمملكة المغربية “لم تعمر هذه المنطقة، ولم تعر أي اعتبار لتنميتها”، مبرزا أن إسبانيا “لا تريد أن يكون جارها الجنوبي مستقرا وقويا، لأنها تحن إلى عهد ولى إلى غير رجعة”.
وبخصوص استقبال زعيم مليشيا “البوليساريو” مجرم الحرب إبراهيم غالي، شدد القراقي على أنه يتعين على إسبانيا أن تكون منسجمة مع ذاتها، ومع التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، لأن المؤكد هو أن هناك دعاوى قضائية ضد هذا الشخص، وكان ينبغي على مدريد أن تترك العدالة تشتغل بشكل عاد دونما أي ضغط أو تضليل.
وأضاف أن استقبال مجرم حرب والتستر على هويته، بحجة أن الأمر أملته دوافع إنسانية، واقعة تخفي أشياء أخرى قد تفصح عنها الأيام المقبلة و”إلا كيف نفسر إصدار القاضي الإسباني بالاتزار كارسون سنة 1998، لأمر اعتقال ضد رئيس الشيلي السابق أوكوستو بينوشي، وحرص الحكومة الإسبانية على اعتقاله في لندن، بعدما اتهمه القضاء الإسباني بجرائم الإبادة الجماعية والتعذيب والإرهاب الدولي والاختطاف في حق مواطنين إسبان ما بين شتنبر 1973 و دجنبر 1983، بالرغم من وضعه الصحي”. فهل يمكن تصديق اليقظة المفاجئة للضمير الإنساني للحكومة الإسبانية يتساءل القراقي؟.
وبخصوص الموقف الإسباني من مختلف القضايا المغربية، بالرغم من أن المغرب كان دائما بلدا منفتحا على التعاون مع الجار الشمالي في جميع المجالات، يرى القراقي أن إسبانيا يتجاذبها رأيان، أولهما يدرك أهمية المغرب الجيو استراتيجية، ويتعامل معه كشريك أساسي، وهذا الاتجاه يرى أن مصلحة إسبانيا على مستوى البحر الأبيض المتوسط مرتبطة بهذا الشريك الاستراتيجي، إذ ينظر أنصار هذا الاتجاه بعين الرضا للدينامية الاقتصادية التي يشهدها المغرب.
أما الاتجاه الثاني، فيحن إلى بداية القرن العشرين، وإلى العهود البائدة التي ترفض منطق الشراكة، ويعمل كلما وجدت له الفرصة سانحة على مضايقة المغرب تارة تحت حجة الحياد، وتارة أخرى تحت ذريعة الدواعي الإنسانية، وهكذا دواليك.
وفي ما يتعلق بازدواجية الخطاب لدى مدريد بخصوص قضية الوحدة الترابية للمملكة، أكد القراقي أن “إسبانيا تعاني من عقدة إزاء المغرب، فهي تدرك أن الجغرافيا تتهمها كل يوم وتنعتها بالدولة المستعمرة، ويبدو لي أن إسبانيا تخشى من أن يقوم المغرب بمطالبتها بباقي أراضيه المستعمرة من طرفها، لأن الإسبان في حاجة إلى الكثير من الشجاعة ليعلنوا هكذا صراحة، بأن مشكل الصحراء طال أمده وأن مناوراتهم السياسية التي كانوا ينوون إنجازها بأنفسهم، نابت عنهم في تحقيقها أطراف أخرى”.