في إطار الاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله وتكريما للدكتور مبارك حنون، تنظم شعبة اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز بفاس بشراكة مع مختبر الأبحاث المصطلحية والدراسات النصية وبتعاون مع مؤسسة مقاربات مؤتمرا دوليا في موضوع: “البحث اللساني: أسئلة التأسيس ورهانات التجديد”، وذلك يومي 20/21 نونبر 2024 بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز بفاس.
الدكتور مبارك حنون بدأ مسيرته في البحث والتكوين والتأطير بشعبة اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز بفاس، وبفضل مساره العلمي الحافل بالعطاء والإنتاج أصبح الأستاذ مبارك حنون واحدا من أعلام الدراسة الصوتية بالمغرب وبالعالم العربي، وكذلك أحد رواد الدرس اللساني العربي تشهد على ذلك مؤلفاته وترجماته الكثيرة التي صدر أولها سنة 1987 وآخرها سنة 2024، فضلا عن تلك التي هي قيد النشر.
يتكون المشروع البحثي للدكتور مبارك حنون من أربعة محددات متلازمة، أولها، نشر المعرفة اللسانية وتهيئة التربة لتقبلها واستقبالها، وتأطير البحث اللساني باستراتيجيات تنموية وتلبية الحاجيات الاجتماعية.
وثاني هذه المحددات الإقرار بأن العربية عربيات، وأن لسانيات العربية متعددة، وأن وضعها ضمن الأنشطة الفكرية والعلمية وضع هش، يتيح للفكر اللغوي التقليدي أن يظل متربعا على سدة التعليم والتفكير. وثالث المحددات، يكمن في أن اللسانيات بالوطن العربي هشة لأن روادها محسوبون على رؤوس الأصابع وإلى أنها لسانيات بينها وبين اللسانيات الحديثة في الغرب تفاوت يدل بدوره على تخلف رهيب. فإنها لسانيات غير شاملة لم تمس كل المجالات. لذا بات التأكيد أننا بحاجة إلى لسانيات تنموية ولسانيات نقدية.
وابع المحددات هي أن اللسانيات التي تغزو السوق المعرفية يجب التوجس منها، فهي تعكس الاستيعاب السيء، والموضوعات المتداولة متهافتة ومجترة، وأنها لسانيات لم تستوف كمالها وتمامها، هذا فضلا عن دخول لسانيات مختلفة ومتعددة إلى بلاد لا تقبل التعدد والاختلاف.
وتعتبر هذه هي موجهات الكتابة اللسانية لدى الدكتور مبارك حنون، وهي تنوء تحت وابل من الأسئلة المعرفية التي أجهدتها الثغرات المعرفية والبضاعة الفاسدة والتهافت المتعالم والاستعجال في الاستهلاك.
ويمكن تقسيم مؤلفات الدكتور حنون إلى قسمين، يندرج القسم الأول في إطار التخصص الدقيق الذي هو الصواتة. ويشمل هذا القسم الكتب التالية: “الصواتة الزمنية: اللسانيات الكلاسيكية ودراسة الوقف (2003)، “في التنظيم الإيقاعي للغة العربية نموذج الوقف (2010)، “في الصواتة البصرية من لسانيات المنطوق إلى لسانيات المكتوب” (2013) و “محاضرات في الصواتة” و”مدخل إلى الصواتة البصرية و”قضايا في الصواتة العربية التي ستصدر قريبا، بالإضافة إلى الكتابين المترجمين بالاشتراك من الإنجليزية: “الفونولوجيا التوليدية الحديثة لفان در هالست و نور فال سميث (1992). و “الفونولوجيا المقطعية نحو نظرية توليدية للمقطع” لكليمنتس )2003( وكايزر.
ويندرج القسم الثاني في إطار التخصص العام الذي هو علوم اللغة، ويشمل هذا القسم الكتب التالية: “مدخل إلى لسانيات سوسير” (1987). دروس في السيميائيات” (1987)، “في السيميائيات العربية القديمة (2016)، “تجربة إدماج اللغة الأمازيغية في المنظومة التربوية جهة سوس ماسة درعة 2003 2010 (2023) من اختلاف اللسانيات إلى لسانيات الاختلاف (2023)، ” لغة برأسين في نقد الازدواجية اللغوية بالمغرب” (2024). وفي النظريات اللسانية” الذي سيصدر قريبا، بالإضافة إلى الكتب المترجمة بالاشتراك التالية: “الاتجاهات السيميولوجية المعاصرة” لماريو داسكال (1987)، “قضايا الشعرية الرومان ياكوبسون (1988)، و”الشعرية العربية لجمال الدين بن الشيخ .(1996)
ويشكل الأستاذ مبارك حنون من خلال تكوينه وتأطيره الأجيال من الباحثين في لسانيات العربية بشكل عام، وفي الصواتة والصرافة بشكل خاص مدرسة لها مميزاتها الخاصة على مستوى القضايا التي اهتمت بها وعلى مستوى المناهج والنظريات التي اعتمدتها في معالجة هذه القضايا. ولعل من أهم ما يبرز خصوصية هذه المدرسة المصطلحات اللسانية الأصواتية والصواتية والصرافية التي قام الأستاذ بتوطينها في الدراسات والأبحاث اللسانية العربية ونقلها إلى العربية من الإنجليزية والفرنسية، وبثها في أوساط الباحثين والدارسين.
لقد تطرق الأستاذ حنون من خلال مؤلفاته مجالات لسانية والفرنسية، وبثها في أوساط الباحثين والدارسين، فأسهم بذلك في التعريف باللسانيات العامة ومفاهيمها وثنائياتها وتقابلاتها وأنساقها.