الرباط – علاء مولى الدويلة
تحت شعار “مواجهة اللغة العربية لمجتمع رقمي”، وبتنظيم من الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية بشراكة مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط، احتضن مدرج الشريف الإدريسي بالكلية، أمس الأربعاء 24 ديسمبر 2025، ندوة علمية وطنية في موضوع “اللغة العربية والذكاء الاصطناعي: الرهانات، والتحديات، والآفاق”، وذلك بمناسبة الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية، بمشاركة ثلة من الأساتذة والباحثين، وبحضور شخصيات أكاديمية ودبلوماسية، من وزراء وسفراء ومهتمين بالشأن اللغوي والثقافي.
وافتُتحت أشغال الندوة بتلاوة آيات من القرآن الكريم، أعقبتها تحية النشيد الوطني، ثم قراءة سورة الفاتحة ترحماً على أرواح ضحايا السيول الأخيرة التي شهدتها مدينة آسفي.
وفي كلمتها الافتتاحية؛ ألقت الأستاذة زكية الحسني، محافظة وأستاذة بشعبة علوم التواصل وتقنياته، كلمة نيابة عن عميد الكلية الأستاذ زكرياء بودحيم، رحبت فيها بالحضور، مبرزة المكانة الحضارية للغة العربية ودورها في نهضة العلوم والحضارة الإسلامية، كما هنأت العميد الجديد بودحيم بتوليه منصب عميدا لكلية الآداب والعلوم الإنسانية، متمنية له التوفيق والنجاح في مهامه الجديدة، ونوهت بجهود العميدة السابقة الأستاذة ليلي منير، مشيدة بإسهاماتها الأكاديمية والإدارية واهتمامها بدعم اللغة العربية وكل ما يتعلق بها من أنشطة وندوات ومؤتمرات طيلة فترة توليها عميدة للكلية.
من جهته؛ ألقى الأستاذ والسفير السابق رشيد لحلو، رئيس الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية، كلمة تناول فيها وضع اللغة العربية في ظل هيمنة الذكاء الاصطناعي والرقمنة، مؤكداً ضرورة توظيف هذه التحولات التكنولوجية لخدمة العربية وتعزيز حضورها، ومستعرضاً أبرز جهود الجمعية ومبادراتها في مجال حماية اللغة العربية.
بعد ذلك؛ أدارت الندوة الأستاذة نوال السملالي الحسني، وهي أستاذة باحثة بالمدرسة المحمدية للمهندسين بجامعة محمد الخامس، واستعرضت المداخل المعرفية والنظرية للمضامين العامة، فيما قدم الأستاذ عبد الهادي المساعدي المحور الأول بعنوان “الذكاء الاصطناعي ودوره في صون اللغة العربية وتطويرها”، مبرزاً أهمية الاستخدام الواعي والمسؤول لهذه التقنيات في تحسين جودة التعليم وتطوير اللغة العربية.
بينما تناول الأستاذ إدريس نملي، في مداخلته “الذكاء الاصطناعي واللغة العربية: واقع، معوقات وحلول” إشكالات التعلم العميق وتحديات برامج الدردشة، خاصة ما يتعلق بظاهرة “الهلوسة” وتقديم معلومات غير دقيقة، تؤثر سلبا على الحقول العلمية والمعرفية والثقافية في المجتمع، فيما أكد الأستاذ أمين بلمزوقية، في مداخلته “اللغة العربية في خضم ثورة الذكاء الاصطناعي”، على قدرة العربية في التفاعل مع التحولات الرقمية، محذراً من آثار الاستخدام المفرط وغير النقدي للذكاء الاصطناعي على القدرات الذهنية للإنسان.
وشهدت الندوة حضوراً كثيفاً للطلبة الباحثين والمهتمين بقضايا اللغة العربية والذكاء الاصطناعي، ما عكس تنامي الوعي الأكاديمي بأهمية هذا الرهان المعرفي والتكنولوجي، الأمر الذي أثرى نقاشا علميا موسعا. ثم تلتها فقرة تكريم لبعض الشخصيات التي أسهمت في الحفاظ على اللغة العربية، إلى جانب تكريم جميع المتدخلين والمساهمين في إنجاح هذا النشاط العلمي.
وفي ختام الأشغال؛ تلا الأستاذ محمد أبو عبدالله التوصيات الختامية للندوة، التي أكدت أن اللغة العربية في ظل الذكاء الاصطناعي تشكل رهاناً استراتيجياً يستدعي تضافر الجهود العلمية والمؤسساتية، داعية إلى إدراج اللغة العربية ضمن استراتيجيات التحول الرقمي، وتعزيز التنسيق بين المبادرات المعنية بالذكاء الاصطناعي اللغوي، ودعم حضور العربية في المنظمات الدولية المختصة بالذكاء الاصطناعي والمعايير التقنية، إلى جانب تطوير نماذج لغوية عربية أصلية غير قائمة على الترجمة، وتشجيع البحث العلمي في مكامن القصور اللغوي العربي، ودعم أدوات كشف النصوص المولدة آلياً بالعربية، فضلاً عن إدماج اللسانيات الحاسوبية والذكاء الاصطناعي اللغوي في المناهج الجامعية، وتأهيل كفاءات مزدوجة الاختصاص، وتشجيع الطلبة على الاستخدام النقدي والإبداعي للذكاء الاصطناعي، واعتماد اللغة العربية لغة للبحث العلمي الرقمي.
واختُتمت الندوة بالتأكيد على أهمية مواصلة تنظيم مثل هذه اللقاءات العلمية لتعزيز حضور اللغة العربية في الفضاء الرقمي ومواكبة التحولات التكنولوجية المتسارعة.
- مثّل الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية في هذا اللقاء العلمي كل من الأساتذة محمد الكيحل، ومحمد مهرير، ومحمد أبو عبدالله، ومحمد العراقي، فيما مثّل كلية الآداب والعلوم الإنسانية كل من الأستاذة زكية الحسني، والأستاذ عثمان احمياني عن شعبة الدراسات العربية، كما ساهم مجموعة من الطلبة الباحثين في التنسيق والتنظيم.





