كشفت النقابة الوطنية للصحافة المغربية عن طبيعة المعالجات الإعلامية للعديد من مؤسسات الإعلام الإقليمية والدولية، وعن التوظيف السيئ لشبكات التواصل الاجتماعي. وعرت نقابة الصحفيين المغربة، في تقرير حديث، قدمته في ندوة صحفية في منطقة المحبس، بالصحراء المغربية، عن الخلفيات السياسية لمعالجات تقدم نفسها في شكل إعلامي مهني، ولكنها في حقيقة الأمر تقوم بأدوار (البروباغندا) التي تدوس على أبسط شروط وأخلاقيات مهنة الصحافة والإعلام النبيلة.
وأكدت تقرير النقابة أن التطورات في المنطقة قادت إلى تدخل السلطات المغربية في إطار من الالتزام والمسؤولية لوضع حد لاحتلال حوالي ستين فردا للطريق العام الذي يعتبر المنفذ الوحيد بين المغرب وموريتانيا، حيث احتل هؤلاء الأشخاص هذه الطريق في منتصف شهر أكتوبر الماضي، ومنعوا حرية تنقل الأشخاص والبضائع، وخنقوا الحركة التجارية بين المغرب والدول الإفريقية. و لم تكن هذه المرة الأولى التي يقدم عليها أشخاص تابعون إلى جبهة البوليساريو الانفصالية على اقتحام هذه المنطقة التي تعتبر منطقة منزوعة السلاح، حيث سبق لجبهة البوليساريو الانفصالية أن أقدمت على اقتراف هذا الخرق الخطير، وحدث في مرات سابقة أن دخلت هذه المنطقة مجموعات مسلحة مدججة بالأسلحة، ونشرت صور لميليشياتها يحملون أسلحة رشاشة منتشين بوصولهم إلى شاطئ البحر، و هكذا كان الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريس قد أمر جبهة البوليساريو الانفصالية سنة 7102 بالانسحاب الفوري و الشامل من منطقة الكركرات، التي كانت عناصر تابعة لها قد اقتحمتها، و اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة تواجد أفراد من الجبهة في منطقة الكركرات أنداك يخالف القانون الدولي و التزامات الجبهة الدولية.
و في هذا الصدد كشفت مصادر إعلامية وثيقة الاطلاع، أن اقتحام مجموعة من الأشخاص منطقة الكركرات في الصحراء المغربية، و هي منطقة معزولة السلاح تقع في الحدود بين المغرب و موريتانيا، كان الهدف منها هذه المرة مختلفا عن المرات السابقة، حيث كانت جبهة البوليساريو تخطط إلى احتلال المنطقة في البداية، ثم تنصيب مخيم يبدأ ببضعة عشرات من الأشخاص، وبعد تثبيت الاحتلال يتم ترحيل الآلاف من الأشخاص بالقوة من مخيمات الجبهة في تندوف إلى هذا المخيم، وبعد ذلك تسرع في تشييد بنايات فوقها، و من ثمة تشييد ميناء على الشاطئ ليكون أول منفذ لجبهة البوليساريو على المحيط الأطلسي، وبعد ذلك تنهي الجبهة المسار بإعلان هذه المنطقة عاصمة لدولتها الوهمية.
وحاولت السلطات العمومية المغربية حل الإشكال من خلال المساعي الحميدة التي بذلتها، بما في ذلك إشعار الأمم المتحدة بخطورة الوضع، وهو ما استجاب له الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريس بأن دعا الجبهة إلى الانسحاب، لكن هذه الأخيرة أصرت على التمادي في مخططها لأنها كانت مصرة على الأمر، وقد فسرت تأني السلطات المغربية في الحسم، ضعفا واستسلاما منها للأمر الواقع. وبعد مرور ثلاثة أسابيع على هذا الوضع، حيث توقفت حركة التنقل بين المغرب وعمقه الإفريقي، تدخلت القوات المسلحة الملكية بتاريخ 13 نوفمبر 2020 ، وقامت بتطهير المنطقة من المحتلين في ظرف وجيز جدا، دون أن يسجل أي احتكاك مع المحتلين الذين ما أن تحركت القوات المغربية حتى لاذوا بالفرار، وأعادت القوات المسلحة الملكية في إطار من المهنية الأوضاع إلى طبيعتها في المنطقة.
وكما جرت العادة في كل مرة يعرف فيها النزاع المفتعل في الصحراء المغربية توترات جديدة، اندلعت حرب إعلامية مدروسة قادتها أطراف معينة تابعة إلى جبهة البوليساريو الانفصالية، و وسائل إعلام جزائرية موالية للأجهزة الرسمية في الجزائر، و انخرطت فيها بكل استغراب وسائل إعلام غربية خصوصا الفرنسية منها، في محاولة منها لتقديم صورة مغلوطة حول الأوضاع في المنطقة، و اعتمدت في ذلك، كما سنبين لاحقا، على الافتراء والكذب و نشر أخبار زائفة لا أساس لها من الصحة ، واستحضار وقائع وصور و فيديوهات تعود إلى أحداث إقليمية و دولية ماضية ونسبها إلى التطورات الجديدة، حيث أصبح الأمر يتعلق بتضليل إعلامي خطير جدا سعى الواقفون وراءه إلى التعتيم على الحقائق، و إلى تقديم معطيات أسطورية هي محض معتقدات ودجل ثوري ماضوي قدم كمهدئات لتجاوز الهزائم والإحباطات المتتالية، حيث تهاوت مفاهيم (الأراضي المحررة) و (الإعمار) لهذه الأراضي التي هي في حقيقتها مناطق معزولة السلاح.
وتعتبر الحرب الإعلامية التي تخوضها أطراف خارجية ضد المغرب تعتبر واجهة من واجهات خوض الحرب الشاملة، لكنها لحد الآن لم تنجح في تحقيق أهدافها، حيث ظل التأثير محدودا جدا، و يمكن القول إن كشف طبيعة هذه الحرب ساهم إلى حد بعيد في أن تفقد مصداقيتها ، لأن الاستمرار في الافتراء والكذب و نشر الأخبار الزائفة تحول إلى ضده، وتبين من خلال التطورات أن الأمر يندرج في سياق التضليل الإعلامي ، ودليلنا في ذلك أن وسائل الإعلام الدولية لم تعد تكترث لما تنشره الكتائب الإعلامية الموالية للجبهة الانفصالية و كثير من وسائل الإعلام الجزائرية ، لكن هذا الإقرار لا يعني عدم الاهتمام بما تقوم به هذه الأوساط، بل لابد من تكثيف الجهود على كافة المستويات لإفراغها من محتواها، و لذلك فإن النقابة الوطنية للصحافة المغربية التي تنتهز هده الفرصة للإشادة بوسائل الإعلام الوطنية المرئية والمسموعة و المكتوبة والالكترونية والورقية للجهود الكبيرة التي تقوم بها للدفاع عن الحقوق المشروعة لبلادنا، وللتنويه بالتضحيات الجسيمة التي يقدمها الصحافيون المغاربة الذين تفوقوا لحد الآن في إجلاء الحقائق و إسناد المواقف المغربية ، فإنها تدعو إلى المزيد من اليقظة والتعبئة الشاملة، وهذا ما يفرض على السلطات العمومية المغربية تكثيف التواصل مع وسائل الإعلام الوطنية وتمكينها من المعلومات في حينها .