– عبد اللطيف بن صفية-
– نظرا لعدم تكافؤ صيغة التعاقد بين الإعلام والمواطن، كون هذا الأخير يتعرض للوسائط الإعلامية وخطاباتها دون حماية ظنا منه أنها تخدم مصالحه وتلبي انتظاراته وفقا لذات للتعاقد الذي أجمعت عليه مختلف الاجتهادات العلمية في المجال الإعلامي.
– وحيث أن وسائل الإعلام هي أدوات لتداول وإشعاع الإيديولوجية المسيطرة يمكنها إحداث تأثيرا عميقا على تنظيم العلاقات الاجتماعية، وكذا على شعور وقيم وسلوك الأفراد، و أن تأثير الإعلام له علاقة بالآراء المتاحة سلفا وبشبكات العلاقات الشخصية وبدور قادة الرأي، وأن وسائل الإعلام لا تعكس جميع الآراء المتاحة في الفضاء العمومي وإنما جزء منه “مسموح له” بذلك حسب ” إجماع مصطنع”.
– واعتبار لكون اختيار المادة الإعلامية التي يحبذها الجمهور يرجع أيضا إلى سلطة هذا الأخير، وبالتالي فآثار وسائل الإعلام ليست مباشرة حيث يتم الحد من مفعولها عند الاستقبال، وأن وسائل الإعلام تساهم بالفعل في توحيد الجسم الاجتماعي حول ثقافة مشتركة إذا تم التعامل مع رسائلها بوعي ومسؤولية.
– ووعيا بالآثار السلبية لاستعمالات وسائل الإعلام والتعرض لها من طرف جميع فئات المجتمع، خاصة الشباب والفئات الهشة. فالتربية على وسائل الإعلام أو التربية الإعلامية تمكن من التوعية لخلق إطار جديد و دائم يشجع وينشط الحوار والنقاش بين مختلف الفاعلين، وذلك بالتدريب على الإلمام الصحيح بدور الإعلام والفهم الدقيق لتقنياته ولخطابه والاستعمال الفعال لأدواته والإشعاع الواسع لثقافته.
– يتمثل دور التربية الإعلامية في كونها توفر لفئة الشباب خاصة القدرة على فهم الرسائل والخطابات الإعلامية (معلومات/آراء) بشكل جيد. كما تجعلهم يستعملون برزانة وفعالية الأدوات والوسائط الإعلامية في مناسبات شتى، وتمكُنهم من تملك أدوات التعبير وثقافة التواصل التقليدية والحديثة. التربية الإعلامية هي قضية حماية ذاتية وقضية مواطنة.
– تعد التربية الإعلامية إطارا ثقافيا و نقديا لضبط الرسائل والخطابات الإعلامية. وتمكن من فهم النشاط الإعلامي في مواصفاته المهنية والأخلاقية الحقيقية المتداولة عالميا. كما أن التربية الإعلامية هي آلية للحماية الذاتية والجماعية من الاستعمال الهدام أو المغرض لوسائط الإعلام خاصة الجديدة منها. وبذلك فالتربية الإعلامية هي دعامة أساسية في بناء فضاء عمومي مواطن بالمغرب يرقى بالإنسان ويقود تنمية المجتمع.
– التربية الإعلامية كفيلة بمد المواطنين والفاعلين ليس فقط بالأدوات الإعلامية التي تجعلهم يبلغون آراءهم للرأي العام، وإنما أيضا لإقناع وسائل الإعلام حتى تنفتح هذا الأخيرة عليهم وعلى قضاياهم. إن تمكُن مختلف الفاعلين من أدوات وثقافة وسائل الإعلام التقليدية والحديثة هو الضامن لخلق فضاء عمومي مواطن من شأنه تجميع وتحفيز الفاعلين للخوض في مختلف جوانب النقاش العمومي الذي يروم الدولة والمجتمع والمؤسسات والحياة اليومية وفقا لشروط وقواعد المواطنة.
لكل هذه الاعتبارات، أدعو إلى إقرار حق المواطن في التربية الإعلامية كحق يؤمن له المشاركة الفعلية في الحياة العامة وفي تدبير رأيه و ممارسته الديمقراطية إلى جانب وسائل الإعلام وفقا لمقتضيات الدستور.
*مدير مركز الأبحاث والتربية الإعلامية CREM