كان في السابق الهدف من تنظيم و حضور الندوات و المشاركة فيها صقل التجارب العلمية و التعرف على الاخرين و تبادل الافكار و المعلومات و تحليل الاحداث و التفاعل مع القرارات من خلال خلق فضاء بين كافة المتدخلين بصرف النظر عن مستوياتهم و مواقفهم الفكرية و السياسية ، لهذا كانت الجامعات و مراكز الابحاث تشجع منتسبيها على الحضور وتنظيم الندوات،لكن واقع الندوات اليوم مخالف لذلك احببت فتح باب للنقاش عن بعض السلبيات التي تقع في هذه النــــــــدوات لعل ابـــــــرزها:
– كثـــــــرة المجامــــــلات العلمية: ( كرمني نكرمك صورني نصورك و نشرو ف الفايسبوك…) و كما هو معلوم فالمجاملة اذا دخلت الميدان العلمي افسدته لان اغلب المداخات يغلب عليها المديح الزائف، و المبالغة في تمجيد و الاشادة باعمال البعض سواء بالحق ام بالباطل.فالمشاركون يحضرون من اجل نوع من الاستفادة المادية او المعنوية ( شهادات المشاركة ) و الجمهور يحضر في الغالب الاعم من اجل مجاملة المشاركين بحيث يتحول النقاش في النهاية الى نوع من المدح الكامل او النقد الناعم ، فهي في نظري مثل الدعوات التي نتلقاها لحضور حفل زفاف حيث يكيل الجميع ايات المدح للعروس ثم ينفض الفرح في النهاية في حوارات جانبية بين المدعويين و هم يتناولون طعامهم في سعادة.
– كما ان النقاش في هذه الندوات ياخد في الغالب شكلين لا ثالث لهما فهو اما فاصل من المشاجرات و الاتهامات المتبادلة،و اما فاصل ممل من المدح و النفاق، ناهيك على ان هذه الندوات تعكس حالة الضعف الثقافي المستشري بدرجة كبيرة .
– ضعف الاعـــــداد للبحوث و تمرير بعض المعلومات الخاطئة وكذا ضعف في القاء العروض لان القاء العروض يحتاج الى عدد من المهارات التي ينبغي على الباحث تعلمها و التدرب عليها و لاسف ان اغلب المشاركين في هذه الندوات يفتقرون الى مهارات الالقاء فتجدهم يعرضون بحثهم بطريقة مخلة و لا تحقق الفائدة المرجوة في البحث.
– ضيـــــــق الوقـــــــت: من ابرز المؤخدات على الندوات الوقت سواء الوقت المخصص لالقاء العروض او المناقشة و التعقيبات التي تعد الثمرة المهمة في الندوات.
– اصنـــــــاف المشاركين في هده الندوات : هناك طائفة من المطفلين المدمينين لحضور الندوات و ايا كان موضوعها حتى ولو كانوا يسمعون بالموضوع اول مرة و مع ذلك يتوسلون و يتضرعون بكل الوسائل – وبابخسها غالبا- لمشاركة في الندوةففي كثير من الندوات و المؤتمرات نلاحظ حضور الاسماء نفسها بشكل ممل و رتيب فإذا كنا نتحدث في مجال الفني عن تكرار وجوه الفنانين و الفنانات ، يمكننا ايضا ان نتحدث عن نفس الوجوه المؤطرة للندوات الذين نطالعهم في كل الندوات و المؤتمرات بغض لنظر عن جدواهم و فائدتهم .
و هناك صنف يغط في نومه طوال القاء المدخلات ثم يفيق عل ما يتلوه من تصفيق تقليدي غايته في الاخير الحصول على شهادة المشاركة و التقاط صور.
و هناك فئة من الحضور يحضر من اجل الطعام و البوفيهات فيحضر الندوة و عينه على الساعة و يدهب و يعود من المطعم ليهيأ نفسه مكانا مناسبا، أقول لهذه الفئة الاخير من حضر ندوة فيأكل بالمعروف.
ارجو في الاخير للباحثين والمنظمين للندوات العلمية محاولة الارتقاء بها في كل جوانبها و بهذا تؤتي هذه الندوات ثمرها حقا، لاسيما ان هذه الندوات ينفق عليها مبالغ مالية هامة جدير بالعقلاء ان يستثمروها احسن استثمار.
كما ينبغي تجنب وصف بعض الانشطة التي تقام في بعض المواقع الالكترونية بالندوة طالما ان لهذهالاخيرة شروطها الفنية و مضمونها الخاص من اعلان مسبق و انتقاء اولي لمشاريع المداخلات و تحكيم الدراسات النهائية و نشر اعمالها بعد انهائها اما في غياب هذه الشروط فمن الافضل وصف الامر بكونه لقاء تفاعليا و غيرها من التسميات التي تعكس مضمون اللقاء .و ويبقى الحديث موضة الندوات حديثا مفتوح ذا شجون…..