وَحْشَةُ البِئْرِ أَمْ سَكْرَةُ المَوْتِ
أَمْ أَجَلٌ قَصَّرَهُ العُمُرُ
يَا رُوحًا ذَبِيحَةً
نُوَدِّعُهَا بِالصَّلَاةِ وَ نَعْتَذِرُ
صَبِيٌّ فِي سِنِّ الخِتَانِ
رَهِينُ بِئْرٍ بَيْنَ المَوْتِ وَ الحَيَاةِ
و َ قَالُوا بَيْنَ قَاعِ الأَرْضِ
و الأَرْضِ فَتًى مُنْحَصِرُ
وَ انْتَظَرْنَا البُشْرَى كَيْ نَحْتَفِي بِهَا
نَدْفَعُ الشُّؤْمَ بالرَّجَاءِ وَ الدُّعَاءِ
لَا نُبَالِي بِمَا تَحْمِلُهُ
فِي بَرِيدِهَا النُّذُرُ
وَ دَوَّى نَبَأُ مَصْرَعِكَ
فِي أَرْجاءِ المَعْمُورِ في مَسَاءٍ مَشْهُودٍ، و َمَضَتْ رِيَاحُ الحِدادِ
تَطُوفُ بِالدُّنْيَا وَ تَنْتَشِرُ
تَحَايَلَتْ عَلَيْهِ المَوْتُ
كََأَنَّهَا أُمُّهُ، فَبَدَا العِنَاقُ
خِنَاقًا، وَ انْصَرَفَ رَيَّانُ
إِلَى رَبِّهِ يَحْتَضِرُ
وَ تَرَدَّدَ مَلَكُ المَوْتِ فِي قَبْضِ رُوحِهِ
وَ تَوَسَّلَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَانِ
بِالصَّلَاةِ وَ الدُّعَاءِ
وَ الفُؤَادُ مُنْفَطِرُ
فَقُلْتَ مَهْلًا مَلَكَ المَوْتِ
أُوصِي بِالأَهْلِ خَيْرًا
وَ أَضُمُّ ” أُمَّاهُ” قَبْلَ الرَّحِيلِ
إِلَى مَا جَرَى بِهِ القَدَرُ
وَ أَبَى الكَفَنُ أَنْ يَطْوِي كَبِدًا
تَسِيلُ دُمُوعُهُ حَسْرَةً عَلَى أُمِّهِ
وَ رَفَضَ النَّعْشُ أَنْ يُغَادِرَ
حَتَّى خَشَيْتُ أَنْ يَتِمَّ بِدُونِهِ السَّفَرُ
بَكَتْكَ صِبْيَانُ الدُّنْيَا
بِأَغْلَى دُمُوعِهَا
وَ رَأَى البُسَطَاءُ فِي حَتْفِكَ
مَصِيرَ صِغَارِهِمْ وَ مَا يُنْتَظَرُ
وَحَّدَتْ مِحْنَتُكَ أُمَمًا
بَكَتْ عَلَى مَصِيرِكَ
وَ كَمْ تَعَلَّقَ قَلْبُهَا بِالدُّعَاءِ
وَ أَنْتَ فِي قَاعِ البِئْرِ تُخْتَبَرُ
أَقَامَ لَكَ القُدْسُ الشَّرِيفُ
صَلَاتَ غَائِبِهِ وَ دَعَا لَكَ بِالرَّحَمَاتِ
وَلِأَهْلِكَ وَ لِشَعْبِكَ بِالأَجْرِ الجَزِيلِ
عَلَى مَا اصْطَبَرُوٓا
رَيَّانُ هَلْ غَادَرْتَنَا حَقًّا
أَمْ سَتَعُودُ بَعْدَ نُزْهَةٌ
أَمْ مَزَّقْتَ ثِيَابًا فِي لَعِبٍ
وَ تَسَلَّلْتَ بِبَرَاءَةِ الطُّفُولَةِ تَسْتَتِرُ
لُطْفًا يَا مُغَسِّلًا
بِجُثْمَانِ قُرْبَانِ البِئْرِ
حَنَانَكَ بِصَبِيٍّ رَطْبِ العُودِ
فَتًى نَضِرُ
وَ سَأَلْتَ اللَّهَ:
رَبِّي لِمَا اخْتَرْتَنِي قُرْبَانَا
أَ مِثْلِي تُسْتَبَاحُ رُوحُه ،وَ يَضْرِبُ وَرِيدَهُ بِِسَيْفِهِ مَلَكٌ مُنْتَصِرٌ
وَ بَكََيْتَ حَتَّى بَكَى اللَّهُ مَعَكْ
وَ رَأَيْتَ دُمُوعَهُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ
فَقُلْتَ أَمْرُكَ رَبِّي ،ظَفَرْتُ
بِما لَمْ تَرَ عَيْنٌ وَ مَا أَدْرَاكَ مَا الظَّفَرُ
رَيَّانُ غَادِرِ القَبْرَ وَ عُدْ
لِرِفَاقٍ كُنْتَ تَلْهُو
بِصُحْبَتِهِمْ مَرِحًا
وَ اليَوْمَ لَمْ يَعُدْ لَكَ بَيْنَهُمْ أَثَرُ
جَمِيلُ الصَّبْرِ شَعْبِي المَكْلُومُ
وَ عََزَائِي لِوَطَنٍ كَرِيمٍ
كُلَّمَا ابْتُلِيَ بَدَا مُلْتَحِمًا
يَفُوزُ وَ يَنْتَصِرُ
شَعْبٌ يَمْتَنُّ مِنْ أَعْمَاقِ كَيْنُونَتِهِ
لِأُمَمِ الدُّنْيَا وَ مَا أَغْدَقَتْ
مِنْ مُهَجٍ َو سُلْوَانٍ
لَنْ يَنْسَاهَا الزَّمَانُ وَ لَا هِيَ تَنْدَثِرُ
شَيَّعْتُكَ بِالشِّعْرِ مِنْ مَغْرِبِ المَنْفَى
يَا كَبِدًا ذَبِيحًا يُدْمِينَا رَحِيلُهُ
فَوَجَدْتُ شِعْرِي
تَسِيلُ الدُّمُوعُ مِنْ قَوَافِيهِ وَ تَنْهَمِرُ
رَبِّي تَقَبَّلْ ذَبِيحَنَا
بِقَبُولِ الشُّهَدَاءِ وَ اكْرِمْ مَثْوَاهُ
وَ ثَبِّتْ آلَ رَيَّانَ
وَ لَا تَجْعَلْ قُلُوبَهُمْ بِالحُزْنِ يَنْكَسِرُ
سَلَامٌ عَلَيْكَ رَيَّانُ يَوْمَ وُلِدْتَ
وَ يَوْمَ حَتْفِكَ وَ يَوْمَ تُبْعَثُ حَيًّا
وَ السَّلَامُ عَلَى رُفَاتِكَ وَ هِيَ تُرَابٌ
تَحْتَ تُرَابٍ فَوْقَهُ حَجَرُ
عبدالعزيز سارت
لوفن-بلجيكا، 7 فبراير 2022