الرئيسيةقلم حرإِلَى رُوحِ رَيَّان

إِلَى رُوحِ رَيَّان

عبدالعزيز سارت

عبدالعزيز سارتوَحْشَةُ البِئْرِ أَمْ سَكْرَةُ المَوْتِ

أَمْ أَجَلٌ قَصَّرَهُ العُمُرُ

يَا رُوحًا ذَبِيحَةً

نُوَدِّعُهَا بِالصَّلَاةِ وَ نَعْتَذِرُ

 

صَبِيٌّ فِي سِنِّ الخِتَانِ

رَهِينُ بِئْرٍ بَيْنَ المَوْتِ وَ الحَيَاةِ

و َ قَالُوا بَيْنَ قَاعِ الأَرْضِ

و الأَرْضِ فَتًى مُنْحَصِرُ

 

وَ انْتَظَرْنَا البُشْرَى كَيْ نَحْتَفِي بِهَا

نَدْفَعُ الشُّؤْمَ بالرَّجَاءِ وَ الدُّعَاءِ

لَا نُبَالِي بِمَا تَحْمِلُهُ

فِي بَرِيدِهَا النُّذُرُ

 

وَ دَوَّى نَبَأُ مَصْرَعِكَ

فِي أَرْجاءِ المَعْمُورِ في مَسَاءٍ مَشْهُودٍ، و َمَضَتْ رِيَاحُ الحِدادِ

تَطُوفُ بِالدُّنْيَا وَ تَنْتَشِرُ

 

تَحَايَلَتْ عَلَيْهِ المَوْتُ

كََأَنَّهَا أُمُّهُ، فَبَدَا العِنَاقُ

خِنَاقًا، وَ انْصَرَفَ رَيَّانُ

إِلَى رَبِّهِ يَحْتَضِرُ

 

وَ تَرَدَّدَ مَلَكُ المَوْتِ فِي قَبْضِ رُوحِهِ

وَ تَوَسَّلَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَانِ

بِالصَّلَاةِ وَ الدُّعَاءِ

وَ الفُؤَادُ مُنْفَطِرُ

 

فَقُلْتَ مَهْلًا مَلَكَ المَوْتِ

أُوصِي بِالأَهْلِ خَيْرًا

وَ أَضُمُّ ” أُمَّاهُ” قَبْلَ الرَّحِيلِ

إِلَى مَا جَرَى بِهِ القَدَرُ

 

وَ أَبَى الكَفَنُ أَنْ يَطْوِي كَبِدًا

تَسِيلُ دُمُوعُهُ حَسْرَةً عَلَى أُمِّهِ

وَ رَفَضَ النَّعْشُ أَنْ يُغَادِرَ

حَتَّى خَشَيْتُ أَنْ يَتِمَّ بِدُونِهِ السَّفَرُ

 

بَكَتْكَ صِبْيَانُ الدُّنْيَا

 بِأَغْلَى دُمُوعِهَا

وَ رَأَى البُسَطَاءُ فِي حَتْفِكَ

مَصِيرَ صِغَارِهِمْ وَ مَا يُنْتَظَرُ

 

وَحَّدَتْ مِحْنَتُكَ أُمَمًا

بَكَتْ عَلَى مَصِيرِكَ

وَ كَمْ تَعَلَّقَ قَلْبُهَا بِالدُّعَاءِ

وَ أَنْتَ فِي قَاعِ البِئْرِ تُخْتَبَرُ

 

أَقَامَ لَكَ القُدْسُ الشَّرِيفُ

صَلَاتَ غَائِبِهِ وَ دَعَا لَكَ بِالرَّحَمَاتِ

وَلِأَهْلِكَ وَ لِشَعْبِكَ بِالأَجْرِ الجَزِيلِ

عَلَى مَا اصْطَبَرُوٓا

 

رَيَّانُ هَلْ غَادَرْتَنَا حَقًّا

أَمْ سَتَعُودُ بَعْدَ نُزْهَةٌ

أَمْ مَزَّقْتَ ثِيَابًا فِي لَعِبٍ

وَ تَسَلَّلْتَ بِبَرَاءَةِ الطُّفُولَةِ تَسْتَتِرُ

 

لُطْفًا يَا مُغَسِّلًا

بِجُثْمَانِ قُرْبَانِ البِئْرِ

حَنَانَكَ بِصَبِيٍّ رَطْبِ العُودِ

فَتًى نَضِرُ

 

وَ سَأَلْتَ اللَّهَ:

رَبِّي لِمَا اخْتَرْتَنِي قُرْبَانَا

أَ مِثْلِي تُسْتَبَاحُ رُوحُه ،وَ يَضْرِبُ وَرِيدَهُ بِِسَيْفِهِ مَلَكٌ مُنْتَصِرٌ

 

وَ بَكََيْتَ حَتَّى بَكَى اللَّهُ مَعَكْ

وَ رَأَيْتَ دُمُوعَهُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ

فَقُلْتَ أَمْرُكَ رَبِّي ،ظَفَرْتُ

بِما لَمْ تَرَ عَيْنٌ وَ مَا أَدْرَاكَ مَا الظَّفَرُ

 

رَيَّانُ غَادِرِ القَبْرَ وَ عُدْ

 لِرِفَاقٍ كُنْتَ تَلْهُو

بِصُحْبَتِهِمْ مَرِحًا

وَ اليَوْمَ لَمْ يَعُدْ لَكَ بَيْنَهُمْ أَثَرُ

 

جَمِيلُ الصَّبْرِ شَعْبِي المَكْلُومُ

وَ عََزَائِي لِوَطَنٍ كَرِيمٍ

كُلَّمَا ابْتُلِيَ بَدَا مُلْتَحِمًا

يَفُوزُ وَ يَنْتَصِرُ

 

شَعْبٌ يَمْتَنُّ مِنْ أَعْمَاقِ كَيْنُونَتِهِ

لِأُمَمِ الدُّنْيَا وَ مَا أَغْدَقَتْ

مِنْ مُهَجٍ َو سُلْوَانٍ

لَنْ يَنْسَاهَا الزَّمَانُ وَ لَا هِيَ تَنْدَثِرُ

 

شَيَّعْتُكَ بِالشِّعْرِ مِنْ مَغْرِبِ المَنْفَى

يَا كَبِدًا ذَبِيحًا يُدْمِينَا رَحِيلُهُ

فَوَجَدْتُ شِعْرِي

تَسِيلُ الدُّمُوعُ مِنْ قَوَافِيهِ وَ تَنْهَمِرُ

 

رَبِّي تَقَبَّلْ ذَبِيحَنَا

بِقَبُولِ الشُّهَدَاءِ وَ اكْرِمْ مَثْوَاهُ

وَ ثَبِّتْ آلَ رَيَّانَ

وَ لَا تَجْعَلْ قُلُوبَهُمْ بِالحُزْنِ يَنْكَسِرُ

 

سَلَامٌ عَلَيْكَ رَيَّانُ يَوْمَ وُلِدْتَ

وَ يَوْمَ حَتْفِكَ وَ يَوْمَ تُبْعَثُ حَيًّا

وَ السَّلَامُ عَلَى رُفَاتِكَ وَ هِيَ تُرَابٌ

تَحْتَ تُرَابٍ فَوْقَهُ حَجَرُ

 

عبدالعزيز سارت

لوفن-بلجيكا، 7 فبراير 2022

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

%d مدونون معجبون بهذه: