تشن روسيا منذ فجر الخميس هجوما على أوكرانيا ونفذت ضربات جوية في مختلف أنحاء البلاد خصوصا العاصمة كييف، بينما دخلت قوات برية من شمال وشرق وجنوب البلاد، بحسب السلطات الأوكرانية التي أشارت الى مقتل أربعين جنديا أوكرانيا وعشرة مدنيين.
وأكد الكرملين أن العملية العسكرية في أوكرانيا ستستمر طالما هي ضرورية، فيما أثار الهجوم على الفور موجة تنديد دولية وقرر حلف شمال الأطلسي عقد قمة طارئة الجمعة.
وأعلن أحد مساعدي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مقتل أكثر من 40 جنديا أوكرانيا و10 مدنيين في الساعات الأولى من الغزو الروسي لأوكرانيا. بينما أعلنت السلطات المحلية في جنوب أوكرانيا مقتل 18 شخصا في “ضربات عسكرية”. ولم يعرف ما إذا كانت الحصيلة الإجمالية تشمل هؤلاء.
بعد يومين على اعترافه باستقلال منطقتين انفصاليتين اوكرانيتين في دونباس، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه يريد “الدفاع” عنها إزاء العدوان الأوكراني وأعطى إشارة إطلاق العملية.
وقال بوتين في تصريح مفاجىء للتلفزيون قبل الساعة السادسة صباحا (03,00 ت غ) في الكرملين “اتخذت قرار شن عملية عسكرية خاصة”، مضيفا “سنبذل أقصى جهودنا لنزع السلاح وإزالة الطابع النازي لأوكرانيا”.
وأضاف “لا نخطط لاحتلال أراض أوكرانية ولا ننوي فرض أي شيء بالقوة على أحد”، داعيا الجنود الأوكرانيين إلى “إلقاء أسلحتهم”.
وكرر اتهاماته غير المدعومة بأدللة ب”إبادة” تدبرها أوكرانيا في الأراضي الانفصالية الموالية لروسيا في شرق البلاد، مشيرا الى طلب المساعدة الذي أطلقه الانفصاليون ليلا، والسياسة العدوانية التي يمارسها حلف الاطلسي بحق روسيا وتعتبر أوكرانيا أداتها.
بعيد ذلك، سمعت سلسلة انفجارات في كييف وكراماتورسك المدينة الواقعة في شرق البلاد وتعد مقر قيادة للجيش الأوكراني، وفي خاركيف، ثاني مدينة في البلاد وأوديسا على البحر الأسود. كما دوت انفجارات في لفيف، المدينة الواقعة في غرب أوكرانيا والتي نقلت اليها الولايات المتحدة وعدة دول أخرى سفاراتها، وفي أوديسا.
وأعطى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي “الأمر بالحاق أكبر قدر من الخسائر بالمعتدي”، كما أعلن قائد القوات المسلحة الأوكرانية الجنرال فاليري زالوجيني، مشيرا الى أن الجيش “يصد بكرامة” هجمات العدو.
وأعلن حرس الحدود الأوكراني من جهته أن قوات برية توغلت في الأراضي الأوكرانية من روسيا وبيلاروس.
وأعلن الجيش الروسي أن الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا حققوا تقدما ميدانيا في مواجهة الجيش الأوكراني. وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية الجنرال إيغور كوناشينكوف إن الانفصاليين تقدموا ثلاثة كيلومترات في منطقة دونيتسك وكيلومترا ونصف كيلومتر في منطقة لوغانسك.
في مترو كييف، كان عشرات السكان يحاولون الاحتماء أو مغادرة المدينة عبر القطار او السيارات.
وقالت ماريا كاشكوسكا (29 عاما) وهي في حالة صدمة في المترو، لوكالة فرانس برس، “استيقظت ليلا على صوت القذائف، وضبت حقيبتي وهربت”.
وخلال الليل، كانت سيارات تقل عائلات تتجه الى خارج المدينة، غربا أو الى الأرياف أبعد ما يكون عن الحدود الروسية الواقعة على بعد 400 كلم.
في شوغوييف قرب خاركيف، كانت امرأة وابنها يبكيان رجلا قتل بصاروخ، وقال الابن الذي كان الى جانب بقايا سيارة لادا قديمة وفجوة خلفتها قذيفة، “طلبت منه الرحيل”.
وأكد الجيش الروسي أنه يستهدف المواقع العسكرية الأوكرانية بواسطة “أسلحة عالية الدقة”، مشيرا الى أنه دمر قواعد جوية ودفاعات أوكرانية مضادة للطائرات، فيما أعلنت كييف أنها أسقطت خمس طائرات روسية وطائرة هليكوبتر.
وفرض الرئيس الأوكراني الأحكام العرفية في كل أنحاء البلاد. وقال للأوكرانيين “لا داعي للهلع” مؤكدا “سننتصر”. وشبه الرئيس الأوكراني روسيا ب”ألمانيا النازية”.
كما أعلنت أوكرانيا إغلاق مجالها الجوي أمام الطيران المدني وإلغاء الرحلات الجوية من المطارات في المدن الكبرى في جنوب روسيا، القريبة من أوكرانيا.
وأغلقت روسيا حركة الملاحة في بحر آزوف بين روسيا واوكرانيا. كما أغلقت مولدافيا مجالها الجوي بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا المجاورة.
وأعلنت ليتوانيا أنها ستفرض حال الطوارئ على أراضيها بعد الهجوم الجوي والبري الذي شنه الجيش الروسي على أوكرانيا.
وأثار قرار الرئيس الروسي الذي جاء بعد أشهر من التوتر والجهود الدبلوماسية الهادفة الى تجنب حرب، موجة من الإدانات الدولية.
ودان الرئيس الأميركي جو بايدن “الهجوم غير المبرر” الذي سيسبب “معاناة وخسائر في الأرواح”. ووعد بأن “يحاسب العالم روسيا”.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بعد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي إلى وقف النزاع الذي بدأته روسيا في أوكرانيا “الآن”. وقال غوتيريش “الرئيس بوتين باسم الإنسانية أعيدوا قواتكم إلى روسيا!”، مؤكدا “هذه أتعس لحظة في ولايتي كأمين عام للأمم المتحدة”.
وأفادت مصادر دبلوماسية أن قادة دول حلف شمال الأطلسي سيعقدون الجمعة قمة عبر الفيديو. وكان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ دان “الهجوم المتهور وغير المبرر” من جانب روسيا.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون طالبا بعقد القمة “في أسرع وقت ممكن”. وقال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من جهته إن “القادة الروس يجب أن يواجهوا عزلة غير مسبوقة”.
وأضاف ان الدول ال27 الأعضاء في الاتحاد سيعقدون قمة طارئة مساء الخميس في بروكسل ويحضرون لسلسلة عقوبات جديدة “هي الأشد التي ستفرض”.
واستدعت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس السفير الروسي لدى بريطانيا أندريه كيلين بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأعلنت الصين التي تقيم علاقات وثيقة مع موسكو أنها تتابع “الوضع عن كثب” ودعت الى “ضبط النفس من جانب كل الأطراف”.
وتثير الأزمة في أوكرانيا مخاوف من نزاع سيكون الأخطر في أوروبا منذ 1945. وحذرت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد من أن التدخل الروسي قد يؤدي إلى “نزوح ما يصل إلى خمسة ملايين شخص إضافي”.
وفرضت واشنطن وحلفاؤها الغربيون أولى العقوبات ردا على اعتراف موسكو بالانفصاليين الذين تقاتلهم كييف منذ ثماني سنوات في نزاع أودى بحياة أكثر من 14 ألف شخص حتى الآن.
وتأثرت أسواق النفط والمال العالمية على الفور. وبعيد خطاب بوتين، تجاوز سعر برميل النفط مئة دولار للمرة الأولى منذ أكثر من سبعة أعوام وخسرت بورصة هونغ كونغ أكثر من 3%. وبعد توقف لفترة قصيرة، فتحت بورصة موسكو مجددا على تراجع باكثر من 14%.
ويرتقب ان تقدم الولايات المتحدة الخميس مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يدين روسيا بسبب “حربها” في أوكرانيا.